للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا على الوجه الثاني في قوله: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ} حمل النفس عند الوسواس على الإيمان والعمل الصالح، يعني إذا رأيت من نفسك فتورًا؛ فقوِّها، أي: قوِّ عزيمتك؛ لأنه تقدم أن في قوله: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ}، احتمالين.

الفائدة الثانية والعشرون: أن ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - حق بشهادة من سبق من الأمم، لقوله: {وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ}، وهل يعتد بشهادة الأمم السابقة؟

الجواب: نعم، لعتد، لقول الله تعالى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ} [يونس: ٩٤].

الفائدة الثالثة والعشرون والرابعة والعشرون: أن الإنسان لا ينبغي أن يعجب بعمله، فيشهد لنفسه أنه من أهل الجنة، لقولهم: {وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا}، ولم يجزموا بذلك، ولهذا مهما عملت من عمل صالح مبني على الإيمان لا تزكِّ نفسك، لا تدري فلعل هناك سرًّا في القلب لا تشعر به -أعاذنا الله من النفاق-: "وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار" (١).

وأيضًا يمكن أن نأخذ من هذا أنه لا يشهد لأحد بالجنة لكونه مؤمنًا عاملًا صالحًا، ولهذا من عقيدة أهل السنة والجماعة، أن لا نشهد لأحد بالجنة إلا من شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم -.


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب لا يقول: فلان شهيد، حديث رقم (٢٧٤٢)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وإن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار، حديث رقم (١١٢) عن سهل بن سعد الساعدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>