للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث ينسخ الآية، هذا نسخ القرآن بالسنة، والمثال عزيز جدًّا قليلٍ جدًّا جدًّا، وكما أن السنة تخصص القرآن، فإن القرآن يخصص السنة، مثل اشتراط النبي عليه الصلاة والسلام في صلح الحديبية أن من جاء من المشركين مسلمًا، فإنه يرد عليهم، وهذا عام للرجال والنساء، فقال الله عزّ وجل: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠]، وهذا من الأمور العزيزة النادرة أيضًا أن يكون القرآن يخصص عموم السنة.

الفائدة العشرون والحادية والعشرون: دفع اللوم عن الإنسان، يعني الإنسان ينبغي أن يدفع اللوم عن نفسه، ولا يُبْقِي عرضه لعباد الله يعملون ما يشاءون فيه، لقوله: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ}، ولهذا أصل من السنة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قام يقلب إحدى زوجاته، وهي صفية رضي الله عنها، بعد أن بقيت عنده قام يقلبها، فمر به رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه أهله خجلا وسارا بسرعة فقال لهما: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي"، فقالا: سبحان الله سبحان الله! -يعني: لا يمكن أن يقع في قلوبنا شيء- فقال لهما: "إن الشيطان يجري من ابن آم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًّا -أو قال- شيئًا" (١).


= (١٤٥٦)، وابن ماجه، كتاب الحدود، باب من عمِل عمَل قوم لوط، حديث رقم (٢٥٦١)، وأحمد (١/ ٣٠٠) (٢٧٢٧) عن ابن عباس.
(١) رواه البخاري، كتاب الاعتكاف، باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد، حديث رقم (١٩٣٠)، ومسلم، كتاب السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليًا بامرأة وكانت زوجته أو محرمًا له أن يقول: هذه فلانة ليدفع ظن السوء به، حديث رقم (٢١٧٥) عن صفية بنت حيي.

<<  <  ج: ص:  >  >>