للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو قال قائل: فيما يتعلق بالنسخ بعض العلماء يقول: إن اصطلاح المتقدمين من الصحابة وبعض التابعين للنسخ أوسع من اصطلاح المتأخرين؟

الجواب: صحيح، بعض السلف يطلق التخصيص على النسخ، مثل قوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦]، فأجاز بعض السلف أن يجمع الإنسان بين الأختين في ملك اليمين، يعني يطأهما، وقال: الآية عامة، لكن عبر بعض السلف فقال: هذه الآية نسختها آية: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: ٢٣]، فقال: نسختها ويريد بذلك التخصيص، وله وجه؛ لأن التخصيص نسخ للعموم.

وأما قوله: {لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] فالظاهر والله أعلم إطلاق النص عليها من باب التخصيص أو التبيين أيضًا؛ لأن الله يقول: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} [البقرة: ٢٨٤]، هذا من الأمور العملية القلبية أما مجرد الفكر فقد تجاوز الله عنه.

لو قال قائل: ما المراد بنسخ القرآن بالسنة؟

الجواب: مثال ذلك: قول الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} أي: الفاحشة {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (١٦)} [النساء: ١٦] , والحديث الذي صححه كثير من الأئمة: "من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" (١)، فهذا


(١) رواه أبو داود، كتاب الحدود، باب فيمن عمِل عمَل قول لوط، حديث رقم (٤٤٦٢)، والترمذي، كتاب الحدود، باب حد اللوطي، حديث رقم =

<<  <  ج: ص:  >  >>