للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الله، فأظهرت الحكم مع خفاء الدليل، واليهود بالعكس، أبطلوا الحكم مع وجود الدليل، حتى إنهم لما جاءوا بالتوراة وضع الذي يقرأ يده على آية الرجم حتى لا تبين (١)، هذا ما تبين من الحكمة.

وقد يقال: إن هناك حكمة أخرى وهي بشاعة الجريمة؛ لأن زنا الثيب لا شك أنه بشع، وأقبح من زنا الشاب، ولذلك كانت عقوبته الرجم، بخلاف غير المحصن، هذا الأخير الإنسان يتردد في أن هذه هي الحكمة؛ لأنه سيقول: إن هذا هو مراد الله عزّ وجل، وهذا صعب؛ لأن الله عزّ وجل ذكر ما هو أبشع من هذا، وهو إتيان الذكر: اللواط صريحًا قال تعالى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} [الشعراء: ١٦٥، ١٦٦]، لكن المعنى الأول، أو الوجه الأول، وهو بيان فضل هذه الأمة على من سبقها واضح.

بقي القسم الثالث: وهو نسخ اللفظ والحكم، هذا له مثال، وهو حديث عائشة رضي الله عنها في الرضاع: كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات (٢)، الآن لا تجد عشر رضعات، لا في القرآن ولا في الحكم، عشر رضعات العمل بها منسوخ إلى خمس، الخمس منسوخة لفظًا لا حكمًا، والعشر منسوخة لفظًا وحكمًا.


(١) رواه البخاري، كتاب الحدود، باب الرجم في البلاط (٦٨١٩)، ومسلم، كتاب الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا (١٦٩٩) عن ابن عمر.
(٢) رواه مسلم، كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات، حديث رقم (١٤٥٢) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>