الفائدة السادسة: أمر الإنسان بالأكل مما رزق الله، ضده عدم الأكل، وعدم الأكل مما رزق الله ثلاثة أقسام:
الأول: أن يترك الأكل مع خوف الهلاك إذا لم يأكل، فهنا ترك الأكل حرام؛ لأنه يجب على الإنسان أن ينقذ نفسه، وبهذا نعرف سفه أولئك الذين يضربون عن الطعام نعرف سفههم في عقولهم وضلالهم في دينهم، بعضهم يضرب عن الطعام حتى يحمل إلى المستشفى كالميت، هذا حرام، لا شك في هذا.
الثاني: إذا كان ليس به ضرورة للأكل لكن يحتاج إلى الأكل لتقوية البدن فهنا الأكل مستحب؛ لأنه لو تركه لم يهلك، لكنه في حاجة نقول له: لا تمنع نفسك.
الثالث: أن يترك الأكل تنزهًا فهذا ينهى عنه، ويقال: كل مما أباح الله لك، وبعض الناس لا يأكل من طيب الطعام تزهدًا وورعًا، فماذا نقول عنه؟ نقول: هذا خطأ، أفضل الخلق محمدٌ عليه الصلاة والسلام، كان يختار الطيب من الطعام، أليس قد جاءوا له بالتمر الطيب بدل التمر الرديء؟ بلى، ومع ذلك ما نهاهم ولم يقل: لماذا تأتوني بالطيب؟ بل أرشدهم إلى أن يأتوا بالطيب، لكن بطريق مباح، فتنزه بعض الناس عن الطيبات تورعًا وتزهدًا نقول له: لا، أنت الآن مجانب للورع؛ لأن الورع اتباع الشرع، والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، واتباع الشرع مما ينفع في الآخرة، فأنت الآن لا زاهدًا ولا ورعًا.
نعم لو فرض أن الإنسان بصفة خاصة يجد من نفسه أنه لو اختار الطيبات لحصل الأشر والبطر، فهنا قد نقول: اترك الطيبات؛ لئلا تصاب بالأشر والبطر، لكننا نعالجك قبل ذلك