بعلاج آخر، نقول: لا يجوز أن يحملك التمتع بنعم الله على الأشر والبطر، فإن عجزت وأبيت إلا أن يحملك، نقول: الآن اترك؛ وفي الحقيقة أن بعض الناس إذا لبس ثياب الزينة -العباءة الزينة وغطاء الرأس الزين- انتفخ وصار فيه علو واستكبار، هذا نقول له: اترك هذا، ونأمره أولًا أن لا يتكبر، لكن يقول: أنا أعجز، نقول: الحمد لله اترك هذا لمن لا يتكبر إذا لبسها، ولكن هذا علاج خاص كما أننا نعالج الإنسان الذي يتأثر بأكل الطيبات من جهة أخرى، فنقول: اتركها ودعها لمن لا يتأثر بها.
الفائدة السابعة: أنه يجب على الإنسان أن يكون مأكله طيبًا، لقوله تعالى:{حَلَالًا طَيِّبًا}، فالكسب الحرام وإن كان في ذاته حلالًا، يعني مثلًا: كسب الدراهم الأصل في اكتسابها أنها حلال، فإذا كسبها بحرام قلنا: هذا حرام عليك، يحرم عليك أن تأكل منها؛ لأنها ليست طيبة، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من تصدق بطيب، ولا يقبل الله إلا الطيب"(١)، فقوله:"بطيب" يعني: بطيب في كسبه وفي ذاته، فإن الله يقبل هذه الصدقة الطيبة.
لو قال قائل: إذا كان المال محرمًا لكسبه، فهل يحل لغير الكاسب إذا اكتسبه بطريق مباح؟
الجواب: نعم، وهذه القاعدة دل عليها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل من طعام اليهود، وهم معروفون بأكل الربا والسحت ومعروفون
(١) رواه البخاري، كتاب الزكاة، باب لا يقبل الله صدقة من غلول ولا يقبل إلا من كسب طيب، حديث رقم (١٣٤٤)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها، حديث رقم (١٠١٤) عن أبي هريرة.