للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرشوة- أكل منه؛ لأنه يأكل بطريق مباح إما بالإذن أي: أذن له في ذلك وإما أهدي إليه؛ إلا إذا علمت أن هذا المال هو عين مال رجل آخر كالسارق إذا سرق شاةً وذبحها لك ضيافة تعرف أنه سرقها، فهنا لا يجوز أن تأكلها؛ لأن هذا محرم لعينه، من حيث إن هذا الكاسب لم يملك هذه العين، فلا يجوز أن تأكلها، لكن لو دعاك إلى وليمة من عرف بأن ماله كله حرام؛ اكتسبه عن طريق الربا الصريح، أو عن طريق الربا الذي اتخذه بالحيلة، فهل لك أن تأكل منه؟ نعم، لي أن آكل منه، إلا إذا علمت أنني إذا امتنعت من إجابة دعوته وأكل طعامه صار ذلك سببًا لتوبته فحينئذٍ، نعم، لا يجوز أن أجيبه، ولا يجوز أن آكل من طعامه؛ لأنه إذا رأى الناس قد هجروه فلا يجيبون دعوته ولا يأكلون طعامه، لا شك أن هذا سيؤثر عليه إلا أن يكون قلبه ميتًا.

الفائدة الثامنة: أن الإيمان بالله عزّ وجل مستلزم لتقواه، لقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} أي: فلإيمانكم يلزمكم التقوى، فالإيمان الحقيقي مستلزم للتقوى، فمن قال: إنه مؤمن ولكن لم يتقِ الله، فهو إما فاقد للإيمان بالكلية، وإما ناقص الإيمان.

فإن قال قائل: إنه يفعل المعاصي، وإذا قيل له: يا فلان اتقِ الله لا تعصِ الله، قام يضرب على صدره، ويقول: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، ماذا نقول له؟ نقول: هذا كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا شك فيه وليس عندنا في هذا شك، ولكن لو اتقى ما هاهنا لاتقت اليد والرجل والعين واللسان؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله،

<<  <  ج: ص:  >  >>