للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} "في" هنا للسببية، وتأتي في للسببية في اللغة العربية في مواضع كثيرة، منها: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عذبت امرأةٌ في هرةٍ حبستها" (١) أي: دخلت النار بسبب الهرة، وليس المعنى أنها دخلت في جوف الهرة، بل المعنى أنها عذبت بسببها.

وقوله: {فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} وجه ذلك أنه يوقع العداوة والبغضاء، فصاحب الخمر والعياذ بالله إذا شرب صار كالمجنون، وربما يقتل أو يسرق أو يزني، وبذلك تحصل العداوة والبغضاء، وأما الميسر فوجه العداوة والبغضاء أن الميسر أَخْذُ المال فيه على وجه المغالبة، والمال محبوب إلى النفوس، فإذا أخذ هذا الإنسان منك مالًا كثيرًا، من أجل أنه غلبك في شيء لا يساوي ولا ربع المال الذي أخذه، فسوف يبقى في قلبك بغضاء وتنتج العداوة.

قوله: {يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} نعم يريد الشيطان أن يصدنا عن ذكر الله باللسان وعن ذكر الله بالجوارح وعن ذكر الله بالقلب، هذا ما يريده الشيطان منا، فتجد الإنسان إذا هم أن يقوم يصلي يثبطه الشيطان ويسول له، ويأتيه التثاؤب ثم يبقى، وإذا أراد أن يذكر الله أو يقرأ القرآن فكذلك، تجده نشيطًا في شيء من الأشياء، فإذا أمسك بالمصحف ليقرأ أتاه الكسل، فإذا عجز الشيطان أن يصده عن القول والفعل، أتاه من ناحية ثانية وهي


(١) رواه البخاري، كتاب المساقاة، باب فضل سقي الماء، حديث رقم (٢٢٣٦)، ومسلم، كتاب السلام، باب تحريم قتل الهرة، حديث رقم (٢٢٤٢) عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>