للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشيطان قيل: إنه مشتق من شَطَنَ إذا بعُد، أي: لبعده عن رحمة الله عزّ وجل؛ لأن الله طرده وأبعده عن رحمته، وقيل: إنه من شاط، أي: غضب، والغضب دائمًا يكون التصرف فيه أهوج، والأول أصح، والدليل على هذا أنه مصروف، ولو كان من شاط لكان فيه زيادة الألف والنون فيكون غير مصروف.

وقوله: {فَاجْتَنِبُوهُ} أي: ابتعدوا عنه، كونوا في جانب وهو في جانب.

وقوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} "لعل": للتعليل، أي: لأجل أن تصلوا إلى الفلاح، والفلاح: هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، فهو يجمع أمرين: الفوز بالمطلوب، أي: حصول مطلوب الإنسان أي: ما يطلبه، والنجاة من المرهوب، وهو كثير في القرآن.

{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)}.

"إِنَّمَا" الجملة فيها حصر أداته "إنما" أي: ما يريد الشيطان إلا ذلك أن يوقع بينكم العداوة ... إلى آخره.

وقوله: {يُرِيدُ} هنا بمعنى يحب، وإذا أحب سيفعل، {أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ} يعني: أيها المؤمنون.

قوله: {الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} العداوة: ضد الولاية، والبغضاء ضد المحبة، ففي البغضاء تنفر القلوب، وفي العداوة تنفر الأبدان بعضها من بعض، فيريد أن تتشتت القلوب والأبدان، فلا يتولى أحد الآخر، وأيهما الناتج عن الثاني؟ العداوة ناتجة عن البغضاء؛ لأنهم يبغضون أولًا ثم يعادون ثانيًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>