للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيضعون أقداحًا فيها: افعل ولا تفعل، والقدح الثالث ليس فيه شيء، ثم يخلطونها جميعًا ويقول القائل: خذ منها بدون أن تعلم، تجعل في كيس أو نحوه ثم يقال: أدخل يدك وأخرج قدحًا، إن خرج افعل فعل، وإن خرج لا تفعل لم يفعل، وإن خرج المهمل أعاد مرة أخرى، هذا العمل كان يستعملونه في الجاهلية، وهو مبني على أوهام لا حقيقة لها، ولذلك حرمه الله عزّ وجل.

وقوله: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} الرجس النجس، لكن يكون الرجس نجسًا حسيًّا ويكون معنويًّا، قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الأحزاب: ٣٣]، وقال: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: ٣٠]، وهنا الرجس معنوي، وقد يكون حسيًّا أي: نجس نجاسة حسية، كما في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥]. هذه الآية من أي الرجسين: الحسي أم المعنوي؟ الصواب: أنها من الرجس المعنوي؛ لأنه وصف بقوله: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} فقوله: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} صفة لرجس وليست خبرًا ثانيًا؛ لأننا أذا جعلناها خبرًا ثانيًا، صار المعنى: أن هذه الأربعة: الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس وأنها من عمل الشيطان، وإذا جعلناها وصفًا لرجس صار المعنى أنه رجس عملي وليس رجسًا حسيًّا، وهذا هو الصواب.

وقوله: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} يعني أن هذا العمل من عمل الشيطان إضافة إلى الشيطان؛ لأنه أوحى به وأمر به الإنسان،

<<  <  ج: ص:  >  >>