الفائدة الخامسة: أن الرسالة من أفخر الأوصاف التي يتصف بها العبد لقوله: {الرَّسُولَ}، ولا شك أن الرسول يفضل ويشرف بحسب منزلة مرسله، لو جاء رسول من عند رجل شريف عالي المنزلة، فهل يكون في نفوسنا كرسول جاء من عامة الناس؟ لا، أبدًا، بل يكون في نفوسنا لهذا الرسول بمقدار ما يستحقه من منزلة من أرسله، فعليه تكون الرسالة فخرًا لمن أرسل.
وهل مقام النبوة أفضل أو مقام الرسالة؟ مقام الرسالة، لأن الرسول نال مقام النبوة ومقام الرسالة، مقام النبوة بما أوحي إليه، ومقام الرسالة بما كلف بتبليغه فيكون أشرف، خلافًا لأهل الباطل الذين يقولون: أفضل بني آدم الولي ثم النبي ثم الرسول، معللين بأن الرسول خادم، والنبي من النَبْوة وهي العلو والارتفاع، والولي من الولاية وهي أخص، ويقول شاعرهم:
مقام النبوة في برزخٍ ... فويق الرسول ودون الولي
قاتله الله، فويق الرسول، يعني: ما هناك فرق بَيِّن، بالنسبة للولي بعيد، دون الولي، ولقد ضل ضلالًا مبينًا؛ لأن النبي ولي وزيادة، والرسول ولي ونبيٌ ورسول، لكن الله يقول:{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}[النور: ٤٠].
الفائدة السادسة: التحذير من معصية الله ورسوله لقوله: {وَاحْذَرُوا}، وكلمة "احذروا" التي حُذف مفعولها أشد وقعًا من "احذروا" إذا ذكر مفعولها، لأنه أبلغ في التخويف؛ لأن المتكلم مقتصر عليها دون متعلقاتها.
وقوله تعالى:"واحذروا" له ما يشبهه من القرآن، أي: ما يشبه هذا التحذير، وهو قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ