للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣]، قال الإمام أحمد رحمه الله: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك".

الفائدة السابعة: أن الأصل في أوامر الله ورسوله الوجوب؛ لأن التحذير لا يكون إلا من شيء يأثم به الإنسان، فإن ما لا إثم فيه لا يكون الحذر منه، وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل الأصول، أعني: أصول الفقه، فمنهم من يقول: الأصل في الأمر الوجوب، ومنهم من يقول: الأصل فيه الندب، ومنهم من يقول: أما في الآداب فهو للندب، وأما في العبادات التي هي حق الله فهي للوجوب، والمسألة مبسوطة في أصول الفقه، لكن الشيء الذي يهمنا هو أن الإنسان إذا سمع أمر الله ورسوله، لا يتردد فيقول: هل الأمر للوجوب أو للاستحباب؟ هذه عبارة منتقدة، الأصل أن الأمر الموجه من خالقك أو رسوله الذي أرسله إليك أن يكون ملزمًا، هذا هو الأصل، وإلى هذه الساعة لم يُعهد من الصحابة أن رسول -صلى الله عليه وسلم- إذا أمرهم بأمر قالوا: يا رسول الله هل هذا واجب علينا أم مستحب؟ أبدًا، وخير لنا أن نقتفي آثارهم، نعم لو أن الإنسان تورط في المخالفة؛ فإن السؤال عن الأمر هل هو للوجوب أو للاستحباب قد يكون وجيهًا؟ إذا كان واجبًا وجب عليه أن يحدث منه توبة ويتوب إلى الله من ذلك، وأما إذا لم يكن واجبًا فالأمر سهل، لكن الكلام على أول ما يرد عليك الأمر لا تتردد، افعل ما استطعت، أما إذا جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنك مخير فأنت مخير، كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بريرة أن ترجع إلى زوجها مغيث، وكانت بريرة عتقت وزوجها رقيق، فلما عتقت ملكت نفسها، فخيرها النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اختاري فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>