قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، لقوله:{فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وأنه -عليه الصلاة والسلام- قام بالواجب فعلينا نحن أن نقوم بالواجب، لكن هل يمكن أن نأخذ منه أن من لم تبلغه الرسالة فهو معذور؛ يمكن أن نأخذ منه أن من لم تبلغه الرسالة فإنه معذور، أو بلغته على وجه مشوش فإنه معذور، ولكن الثاني الذي بلغته على وجه مشوش يكون واجبًا عليه أن يطلب الوصف الصحيح لهذه الرسالة التي بلغته، وألا يسكت ويقول: الأمر ما بان لي ولا يلزمني، بل يجب أن يبحث، أما إذا كان الأمر لم يعلم به إطلاقًا فهذا لم تقم عليه الحجة فهو معذور، فلو رأينا رجلًا لم يسمع عن الشرع وعن الإسلام شيئًا، في الكهوف والجبال والأدغال يرعى الغنم ويحلب الإبل ولا يعلم شيئًا، فهل نقول: إن هذا معذور أو غير معذور؛ معذور، لا شك إنه معذور، ولكن إذا ذُكِر له أن هناك رسالة وجب عليه أن يبحث وحينئذٍ قد نقول: إن هذا الذي بلغه ترتفع به الحجة؛ لأن الواجب أن يسأل.
لو قال قائل: الآية الكريمة: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} هل يمكن أن تتعارض طاعة الله ورسوله؟ لا يمكن، ولا يمكن أن تتعارض طاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع النصوص الواردة عنه، فإذا رأينا حديثًا يناقض ما في القرآن فإننا نحكم برده وإن لم نعرف سنده، بل ولو عرفنا سنده، فإننا نقول: هذا منكر، إذا خالف القرآن، فلا يمكن أن يكون الله يأمر بطاعته -وطاعته مقدمة على كل شيء- وبطاعة الرسول، ولو كان ذلك، أي: أننا نأخذ بما يتناقض من الكتاب والسنة لكان مستحيلًا.
من ذلك ما يذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في لحوم البقر أنها داء،