للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِلَى الْمَرَافِقِ} قال العلماء: {إِلَى} هنا بمعنى "مع"، وإنما أولوها بمعنى "مع"؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه أنه إذا توضأ غسل مرفقيه (١)، فتكون السنة مبيِّنة للقرآن، ثم استدلوا بأن لهذا نظيرًا في القرآن مثل قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ} يعني: أموال اليتامى {إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢، ولكن الاستشهاد بهذا الشاهد فيه نظر، المهم أن الذي بيَّن أن منتهى الغاية هنا داخل هي السنة.

قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} المسح هو إمرار اليد على الممسوح، لكن من المعلوم أن المراد امسحوها بالماء، أي: امسحوا الرؤوس بالماء، ولهذا زعم بعض العلماء أن في الآية قلبًا، وأن المعنى امسحوا رؤوسكم بالماء، ونحن نقول: إن "الباء" هنا ليست لتعدية الفعل بالباء ولكنها مفيدة لمعنى زائد على المسح وهو الإلصاق والاستيعاب أيضًا، وإن كانت دلالة المسح على الإلصاق واضحة، وأما الاستيعاب فلأن الباء تدل على الاستيعاب، ولهذا قلنا: إن قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] يدل على وجوب استيعاب البيت بالطواف؛ لأن الباء للاستيعاب.

وقوله: {بِرُءُوسِكُمْ} ما حد الرأس؟ الرأس ما ترأس، والعضو المترئس على البدن كله هو ما بين مفصل المخ والرقبة، وعلى هذا فالرقبة لا تدخل في الرأس؛ لأنها عضو مستقل، ثم


(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، حديث رقم (١٥٨)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله، حديث رقم (٢٢٦) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>