للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، ولكنهم تحيلوا على محارم الله، ابتلاهم الله تعالى بالصيد البحري لا الصيد البري، فحرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت، فاحتالوا على ذلك وجعلوا شباكًا في يوم الجمعة ثم يأخذون السمك أو الحيتان يوم الأحد، فابتلاهم الله عزّ وجل بكون الحيتان تأتي يوم السبت "شرّعًا" أي: على سطح الماء من كثرتها، فتحيلوا هذه الحيلة، فقال الله تعالى لهم: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥]، فكانوا قردة والعياذ بالله، كل أهل القرية أصبحوا يتعاوون كما تعاوى القردة؛ لأنهم تحيلوا على محارم الله بما ظاهره الإباحة، فقلبهم الله تعالى إلى حيوان أقرب ما يكون من الإنسان.

الفائدة الرابعة: أن يتنبه الإنسان لنفسه إذا يُسرت له أسباب المعصية وألا يتدرج به الشيطان؛ لأن الإنسان قد تيسر له أسباب المعصية ولا يدري عن نفسه ثم ينهمك حتى يقع في المحظور، فليحذر الإنسان من تسهيل أو من تيسير أسباب المعصية له أن يقع في المعصية، ولهذا كان الإنسان إذا ابتلي بتيسير المعصية له وتركها لله عوضه الله تعالى خيرًا منها، وانظر إلى يوسف عليه الصلاة والسلام فقد يسر الله له أسباب المعصية تيسيرًا لا نظير له فيما نعلم، كان مملوكًا لعزيز مصر وكان له امرأة يُرى أنها من أجمل النساء؛ لأنها امرأة العزيز، وأعجبها يوسف وأحبته حبًّا شديدًا حتى وصل حب هذا الرجل إلى شغاف القلب، يعني قعر القلب، وعجزت أن تصبر، في يوم من الأيام سولت لها نفسها أن تدعوه إلى فعل الفاحشة، فدعته وغلقت الأبواب، والأبواب جمع باب أقلها ثلاثة، في حجرة من وراء حجرة من وراء حجرة

<<  <  ج: ص:  >  >>