والأبواب مغلقة، وليس عندها أحد فدعته لنفسها، وتوعدت أنه إن لم يفعل سجنته، وأهانته قالت:{لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ}[يوسف: ٣٢] فدعا ربه: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣)} [يوسف: ٣٣]، ولا يُظَنُّ أنَّ الجمع في قوله:{يَدْعُونَنِي} يعني أن مع المرأة أحدًا، ولكن يريد الجنس؛ فإن هذه التي فتنته ربما يفتنه غيرها، فأراد أن يكون دعاؤه عامًا: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)} [يوسف: ٣٤]، يوسف عليه الصلاة والسلام هُيئت له أسباب المعصية، بل أكثر من ذلك، هدد بأن يهان ويسجن إن لم يفعل ومع ذلك لجأ إلى الله عزّ وجل، وفي هذه الضرورة استجاب الله تعالى دعاءه.
وفي السبعة الذين يظلهم الله في ظله:"رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله"(١) لم يذكر أي مانع سوى خوف الله عزّ وجل، وهل خوفه بالغيب أو بالشهادة؛ بالغيب؛ لأنه ليس عنده أحد، لو عنده أحد لقال: إني أخاف أن يشهد فلان أو فلانة، فالمهم انتبه لنفسك سواء في البيع أو في الشراء أو في أي شيء، انتبه لنفسك إذا يُسرت لك أسباب المعصية فاعلم أن ذلك امتحان من الله.
الفائدة الخامسة: أن الصيد في حال الإحرام محرم؛ لقوله:{لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}.
(١) رواه البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين، حديث رقم (١٣٥٧)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، حديث رقم (١٠٣١).