ثم قال رحمه الله:"رواه العوفي عن ابن عباس، وقال حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم: إنها منسوخة، وقال آخرون وهم الأكثرون فيما قاله ابن جرير: بل هو محكم، ومن ادعى النسخ فعليه البيان".
[يعني: شهادة الكفار بل هي محكمة، أي: الآية، وهذا هو الصواب وقد تقدم أنه لا نسخ في سورة المائدة، بل كلها محكمة؛ لأنها آخر ما نزل، على أن بعض العلماء قال: إنها منسوخة ولكنه غير صحيح، وأي إنسان يدعي في أي نص من القرآن أو السنة أنه منسوخ فعليه الدليل].
ثم قال ابن كثير رحمه الله:"فقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ}، هذا هو الخبر لقوله:{شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} فقيل: تقديره شهادة اثنين، حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وقيل: دل الكلام على تقدير أن يشهد اثنان، وقوله:{ذَوَا عَدْلٍ}، وصف الاثنين بأن يكونا عدلين".
[يعني الذين قالوا: لا بد من تقدير، قالوا: إنه لا يمكن أن تكون الجثة خبر للمعنى والشهادة معنى، واثنان شخصان فقالوا: إنها على تقدير مضاف شهادة اثنين أو أن يشهد اثنان، والصحيح أنه لا حاجة إلى هذا، وأنه إذا فُهم المعنى فهو المقصود، ولهذا يقولون: الليلة الهلال، فيخبرون بالظرف عن الجثة؛ لأن المعنى مفهوم ولا حاجة إلى أن نقدر الليلة طلوع الهلال، فالصواب أنه لا تقدير في الآية، وأن الآية معناها واضح].