للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنزله الله على موسى، والإنجيل: هو الكتاب الذي أنزله الله على عيسى، وهو فرع عن التوراة؛ لأن الأصل هي التوراة، لكن الإنجيل جاء فيه بعض الأشياء التي لم تكن في التوراة، كما قال الله عزّ وجل: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: ٥٠].

قوله: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ} أي: تصنع من الطين شيئًا كهيئة الطير، {فَتَنْفُخُ فِيهَا} أي: فيما صنعت من هذه الهيئة، {فَتَكُونُ طَيْرًا} وفي قراءة: (طائرًا بإذني) يعني: يخلق شكل طائر، ولنقل: شكل حمامة، فينفخ فيها نفخة واحدة فتكون طيرًا، يعني: طيرًا حيًّا، والقراءة الثانية: "طائرًا"، أي: أنها تطير بالفعل، وهذا لا أحد يقدر عليه إلا الله عزّ وجل أو من أذن له بذلك.

قوله: {وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ} تبرئ أي: تشفي، الأكمه: من مرضه، والأكمه: أحسن ما قيل فيه: أنه هو الذي ولد بلا بصر، إما لأن الأجفان لم تنفتح، وهذا وقع، يعني: وقع مولود في زماننا هذا أكمه، أجفانه منطبقة غير منفتحة، أو أن المراد الأعشى الذي يبصر بالليل ولا يبصر بالنهار أو بالعكس، ولكن المعنى الأول أبلغ في الآية، أن يكون خلق بلا بصر فيبرئه بإذن الله عزّ وجل، وأما الأبرص فمعروف، وسيأتي إن شاء الله في الفوائد أن الله أعطاه هذه المعجزات؛ لأن الطب في زمنه ترقى إلى مكان بعيد، فآتاه الله من الآيات ما يعجز عنه الأطباء.

وقوله: {بِإِذْنِي} كررها لبيان أن هذه الآية العظيمة لم تكن إلا بإذن الله، في الآية التي في آل عمران كرر الإذن مرتين، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>