على أمه: أنه أنطق عيسى في المهد ليبين براءة أمه مما اتهمها به اليهود الذين قالوا لها: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)} [مريم: ٢٨]، يعني: وأنت كيف صرتِ على هذه الحال.
وقوله:{إِذْ أَيَّدْتُكَ} أي: إذ قويتك، وروح القدس: هو جبريل عليه السلام، يؤيده في كل ما يحتاج فيه إلى تأييد.
قوله:{تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} هذا من نعمة الله عليه، أنه كلم الناس وهو في المهد، أي: صغير يحمل باليد، والعادة أن هذا لا يتكلم، {وَكَهْلًا}: أي: كبيرًا، والكهل قيل: ما بين الثلاثين إلى الخمسين، وقيل: ما بين الثلاثين إلى الأربعين، وإنما ذكر الله تكليمه في المهد، وتكليمه حين كان كهلًا ليبين أن كلامه حين كان في المهد، ككلامه حين كان كهلًا لا يختلف، والمعروف أن الصغير لا يتكلم وأنه لو تكلم لم يكن ككلام الكبير لا في الأداء ولا في الترتيب ولا في المعنى.
ولذلك لو قال قائل: ما الفائدة من قوله: {وَكَهْلًا}؛ لأن كلام الإنسان في حال الكهولة أمر معلوم؟ قلنا: ليبين أن كلامه حين كان كهلًا ككلامه حين كان في المهد.
وقوله:{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ} يعني: اذكر إذ علمتك الكتاب والحكمة، و {الْكِتَابَ} قيل إنه الكتابة وليس المراد الكتاب المنزل، بدليل قوله:{وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} فيكون الكتاب بمعنى: الكتابة، {وَالْحِكْمَةَ} هي العلم والفهم والعقل الراجح، حيث ينزل الأشياء في منازلها؛ لأنه أحد الرسل الكرام، فالحكمة إذًا: العلم والفهم والرشد، أي: تنزيل الأشياء في منازلها.
قوله:{وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} التوراة: هي الكتاب الذي