للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالنظر في آيات الله تعالى ومخلوقاته، دليل يهدي إلى الحق والصواب، فكما أن في المفعولات من المصالح والحكم والغايات المحمودة الدالة على حكمته سبحانه، فكذا ما فيها من ابتداء الشيء في غاية النقص والضعف ثم سوقه إلى تمامه ونهايته دليل على وقوع المعاد، وما فيها من أحوال النبات والحيوان وتصرف المياه دليل على إمكانه (١)، ولذا كانت هذه الحياة بما فيها دليلاً على الحياة يوم المعاد (٢).

(٤) الاستدلال بوقائع وأحداث حصل فيها إحياء الأموات، وحكاية رجوع بعض الناس لهذا العالم المشاهد:

القرآن الكريم حافل بذكر النماذج والشواهد الدالة على إمكان المعاد وذلك بتحقق وجوده في الواقع الدال على عدم امتناعه، فقد ورد في النصوص ما يدل على البعث، استناداً إلى تحققه بالفعل في هذه

الحياة، وأنه إذا كان الله قد بعث بعض من مات في هذه الحياة، فهذا دليل على الإمكان الخارجي لبعث الأموات بعد موتهم (٣).

فالقرآن لم يكتف في بيان مكان المعاد بمجرد الإمكان الذهني، بل بين الأدلة التي تؤكد - يقيناً - وقوع المعاد فعلاً، وهو الإمكان الخارجي في الواقع (٤).

والوقائع المذكورة في القرآن الكريم التي حصل فيها الإحياء بعد الموت كثيرة، وهي أمثلة حسية مشاهدة، فيميتهم ربهم جل وعلا ثم يحييهم ليُبين لهم قدرته على ذلك، وهي أدلة محكمة لا تدع مجالاً للشك، ولا سبيلاً للتردد

(أ): قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)} [البقرة: ٥٥ - ٥٦].


(١) ابن القيم: الفوائد، دار الكتب العلمية -بيروت، ط ٢ - ١٣٩٣ هـ، ص (٢٠ - ٢١ بتصرف).
(٢) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ - ١٤١٦ هـ (٣/ ٢٤٤).
(٣) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ - ١٤١٦ هـ (٣/ ٢٤٤).
(٤) تامر متولي: منهج الشيخ محمد رشيد في العقيدة، ص (٨١٥)، وانظر: ابن تيمية: درء التعارض (١/ ٣٠ - ٣٢).

<<  <   >  >>