للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الربيع بن أنس: قوله " ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ ": فبعثوا من بعد موتهم، لأن موتهم ذلك كان عقوبة لهم فبعثوا من بعد الموت ليوفوا آجالهم (١).

والقائلون هذا الكلام، هم السبعون الذي حملهم موسى إلى الطور ليسمعوا كلام الله تعالى، فإنهم لما سمعوا كلام الله قالوا لموسى: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، أي: عياناً، "فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ" أي الموت. "وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ" أي: ينظر بعضكم إلى بعض حين أخذكم الموت (٢).

وهذا دليل واضح، وبرهان ساطع، على إمكان وقوع المعاد، قال النحاس: وهذا احتجاج على من لا يؤمن بالبعث من قريش، واحتجاج على أهل الكتاب إذا أخبروا بهذا (٣).

(ب): وقال تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)} [البقرة:٧٢ - ٧٣].

فالشاهد من قصة قتيل بني إسرائيل: أن الله تعالى أحيا ميتهم بعد موته، فشهد على قاتله، ثم سقط ميتاً، وهذه من أعظم الآيات والدلائل على كمال القدرة الإلهية، فمن قدر على إحياء النفس واحدة، قدر على إحياء الأنفس كلها (٤) ١)، ففي الآية دليل على البعث في الآخرة.

وسواء كان الخطاب موجهاً لقوم موسى - عليه السلام - أو كان موجهاً لمشركي قريش، فهو حجة ظاهرة بينة على البعث والمعاد.


(١) ابن أبي حاتم: تفسير القرآن العظيم، مكتبة الباز -مكة، ط ٣ - ١٤١٩ هـ (١/ ١١٢)
(٢) السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط ١ - ١٤١٨ هـ (١/ ٨١).
(٣) عمر بن عادل: اللباب في علوم الكتاب، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ - ١٤١٩ هـ (٢/ ٨٧).
(٤) الزمخشري: الكشاف، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ - ١٤٠٧ هـ (١/ ١٥٣).

<<  <   >  >>