للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وامتازت هذه الرسالة المباركة مما خطته أنامل شيخ الإسلام عن غيرها من رسائله العلمية الفائقة:

١ - أنه قرر فيها اعتقاد السلف الصالح المبني على الكتاب والسنة وما أجمعوا عليه، وذلك أن جملة العقائد لا تؤخذ إلا عن الله تعالى وعن رسوله j وما أجمع عليه سلف الأمة.

٢ - أنها مستقاة من نصوص الوحيين، ومستقرأة لكلام السلف ومعلوم لكل منصف، أن شيخ الإسلام ابن تيمية، له علم دقيق وفهم عميق لكلام السلف، يرد فيه بعض مجمل أقوالهم إلى مفصله، مما يدل على سعة علمه واطلاعه، وبراعة فهمه وإتقانه، ودقة استنباطاته

ومع ذلك فله - رحمه الله تعالى - علم غزير، ومعرفة واسعة بأقوال المخالفين ومناهجهم، تدل على عبقرية فذة لهذا الإمام العلم، توقن حينها أن ما أوتيه محض فضل وتوفيق وتيسير من الباري جل وعلا يمتن به على من يشاء من عباده قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٢].

٣ - وأنها رسالة كتبت بعد استقرار مقالات الطوائف في الاعتقاد، فكانت كاشفة ومبينة لمقالات المخالفين في الجملة، مع أن الشيخ لم يسهب ولم يستطرد في ذكر أوجه المخالفة، وذكر بعض الشُبَهِ وغيرها مما هو معهود في بقية رسائله، فجاءت هذه الرسالة على غير العادة في بيان الشُبَهِ وكشف زيفها. إلا أن له جملة من الألفاظ ذكرها في رسالته يحصل بها التمايز بين منهج السلف، وبين منهج من خالفهم وحاد عن طريقهم، حيث أشار إلى وسطية أهل السنة والجماعة بين مجموع الطوائف والفرق في مسائل الدين والشريعة من الصفات وأفعال الله تعالى، والوعد والوعيد، والإيمان ونحو ذلك. وكذا حين ذكر القرآن الكريم فقال: " ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية عن كلام الله أو عبارة عنه ... " (١)، ففيه تعريض بالرد على الماتريدية والأشاعرة الذين يصرحون بقول مثل ذلك.


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى (٣/ ١٤٤).

<<  <   >  >>