للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدها: ن يخالف موجبات العقول، فيعلم بطلانه؛ لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول، وأما بخلاف العقول فلا.

والثاني: أن يخالف نص الكتاب أو السنة المتواترة، فيعلم أنه لا أصل له، أو منسوخ.

والثالث: أن يخالف الإجماع فيستدل على أنه منسوخ أو لا أصل له، لأنه لا يجوز أن يكون صحيحا غير منسوخ، وتجمع الأمة على خلافه.

والرابع: أن ينفرد الواحد برواية ما يجب على كافة الخلق علمه، فيدل على أنه لا أصل له، لأنه لا يجوز أن يكون له أصل، وينفرد هو بعلمه من بين الخلق العظيم.

والخامس: أن ينفرد الواحد برواية ما جرت به العادة بأن ينقله أهل التواتر فلا يقبل، لأنه لا يجوز أن ينفرد في مثل هذا بالرواية" (١).

ومن الشواهد التي تدل على احتجاج الأئمة بخبر الواحد، ذكرهم قبول خبر الواحد في فوائد الأحاديث والآثار التي يتولون شرحها والتعليق عليها وهذا كثير لا يمكن حصره، ومنه:

- استدل الإمام الشافعي بقبول خبر الواحد، ببعض الآثار الواردة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: "وكان عمر بن الخطاب يقضي أن الدية للعاقلة، ولا يورث المرأة من دية زوجها، حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فرجع إليه عمر، وقال: وسأل عمر بن الخطاب من عنده علم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين فأخبره حمل بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة، فقال عمر بن الخطاب: إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا، أو قال: لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا، في كل هذا دليل على أنه يقبل خبر الواحد إذا كان صادقاً عند من أخبر" (٢).


(١) الخطيب البغدادي: الفقيه والمتفقه، دار ابن الجوزي - السعودية، ط ٢ - ١٤٢١ هـ (١/ ٣٥٤).
(٢) الشافعي: اختلاف الحديث: ٨/ ٥٩١ (مطبوع مع كتاب الأم للشافعي: ١٤١٠ هـ).

<<  <   >  >>