للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشواهد تطول جداً في هذا الباب، في بيان احتجاج العلماء بالحديث الآحاد والحجة في إثبات خبر الواحد والعمل به قائمة من الكتاب والسنة، ودلائل الإجماع والقياس (١).

- وينبغي أن يعلم في هذا المقام: أن التحقيق في مذهب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هو قبوله خبر الواحد، يقول الإمام ابن عبد البر:" وقد زعم قوم أن في قصة أبي موسى الأشعري مع عمر في الاستئذان، دليل على أن عمر كان لا يقبل خبر الواحد العدل، حتى يقع إليه العلم الظاهر به كالشاهدين، ليس كما زعموا، لأنه معروف عن عمر من وجوه متواترة قبوله لخبر الواحد العدل، ومحال أن يقبل خبر الواحد العدل، وهو يدين برده" (٢). ولذا قال الإمام ابن بطال فيمن ذهب إلى هذا القول:" وهذا خطأ في التأويل وجهل بمذهب عمر وغيره من السلف" (٣).

فخبر الواحد مقبول عند عمر، معمول به، وأما مراجعته لأبي موسى في حديث الاستئذان لم يكن إلا للاستظهار أو لغير ذلك من الوجوه (٤).

وقد ذكر الإمام ابن تيمية أن خبر الواحد قد يعلم صدقه بأنواع من الدلائل وقرائن تقترن بالخبر يعلم بها صدقه فمنها:

- دلائل وقرائن قد تكون في المُخبِر، من علمه، ودينه، وتحريه للصدق (٥).

والخلاصة: أن خبر الواحد المتلقي بالقبول، يوجب العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد (٦).


(١) ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، ١٣٨٧ هـ (٥/ ١١٦)
(٢) ابن عبد البر: الاستذكار، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢١ هـ (٨/ ٤٧٩)
(٣) ابن بطال: شرح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (٩/ ٢٥).
(٤) ابن عبد البر: التمهيد، وزارة عموم الأوقاف - المغرب، ١٣٨٧ هـ (٣/ ٢٠٠، ١٢/ ١٢١)
(٥) ابن تيمية: الجواب الصحيح، دار العاصمة، السعودية، ط ٢ - ١٤١٩ هـ، ص (٦/ ٣٨٢)
(٦) ابن تيمية: الفتاوى الكبرى: (٥/ ٨١)، ابن تيمية: مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٥١).

<<  <   >  >>