للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عليه الصلاة والسلام حين سأله جبريل عليه السلام فقال له: متى الساعة؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «مَا المَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ «(١)، ولذا جعل الله لها علامات وأمارات وشرائط تسبقها، وتدل على قربها قال جل وعلا: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد:١٨] قال ابن عباس: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}، يعني أشراط الساعة، وقال قتادة: قد دنت الساعة ودنا من الله فراغ العباد (٢).

وقد أفاضت السنة النبوية في ذكر الأشراط التي تسبق القيامة وتدل على قرب وقوعها، حتى ترجم لها الأئمة في مصنفاتهم وذكروا الأحاديث الواردة فيها وهذه كلها تصب في بيان أوجه الاهتمام والعناية في نصوص الوحيين بأمر القيامة.

٤ - أن نصوص الوحيين حفلت بذكر الأهوال التي تسبق أو تصاحب القيامة، وبنظرة تأمل في النصوص يظهر جليا الاهتمام البالغ باليوم الآخر وما فيه من أحداث ومشاهد عظيمة، ولذا فالفزع يوم القيامة شديد، إذ القلوب يومئذ واجفة والأبصار فيه شاخصة والأعضاء شاهدة والمراضع ذاهلة، مشهد رهيب ويوم عجيب {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)} [عبس:٣٤ - ٣٧].

ومع هذا المشهد العظيم، تظهر آثار خراب هذا الكون الفسيح، ونهاية عمران هذا العالم، يقول جل وعلا: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧)} [طه: ١٠٥ - ١٠٧].


(١) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة ح (٥٠)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب معرفة الإيمان والإسلام والقدر وعلامة الساعة ح (١).
(٢) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٢٢/ ١٧٢).

<<  <   >  >>