للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - أن الشمس تدنو من الخلائق يوم القيامة، بمعنى: تقرب، وجاء في الحديث: «أن الشمس تدنو كمقدار ميل»، وفي رواية الترمذي بالشك: «حَتَّى تَكُونَ قِيدَ مِيلٍ أَوْ اثْنَيْنِ»، يعني: أو ميلين.

والميل: اسم مشترك بين مسافة الأرض، والمرود الذي تكحل به العين ولذا أشكل المراد على سليم بن عامر (١). ورجح جماعات أن المراد: ميل المسافة، لأنها إذا كان بينها وبين الرؤوس مقدار المرود، فهي متصلة بالرؤوس لقلة مقدار المرود (٢).

٢ - أن الناس يكونون على قدر أعمالهم السيئة في العرق، وقد جاء في الحديث الصحيح: «يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ» (٣).

قال الإمام ابن العربي:" الرشح، العرق، لأنه يخرج من البدن شيئاً فشيئاً كما يرشح الإناء المتخلل الأجزاء" (٤).

«فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا».

وهذا هول من أهوال القيامة، وحال من أحوالها، الذي يجب الإيمان به فالناس على قدر أعمالهم، يكونون في رشحهم. وهذا الرشح والعرق يحتمل أن يكون المراد به: عرق الإنسان نفسه خاصة، ويحتمل أن يكون عرق نفسه وغيره (٥).


(١) القرطبي: المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، دار ابن كثير - دمشق، ط ٥ ١٤٣١ هـ (٧/ ١٥٤).
(٢) القرطبي: المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، دار ابن كثير - دمشق، ط ٥ ١٤٣١ هـ (٧/ ١٥٤).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الجنة: باب صفة يوم القيامة ح (٢٨٦٢).
(٤) ابن العربي: عارضة الأحوذي، مكتبة ابن تيمية - القاهرة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٩/ ٢٦٣)
(٥) القاضي عياض: إكمال المعلم بفوائد مسلم، دار الوفاء -مصر ط ٢ - ١٤٢٥ هـ (٨/ ٣٩٣).

<<  <   >  >>