استدل البعض بالزيادة الواردة في الحديث:«أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه»، بتجويز إخراج غير المؤمنين من النار. ورد هذا بوجهين، ذكرها الحافظ ابن حجر عن بعض أهل العلم:
١ - أن هذه الزيادة ضعيفة؛ لأنها غير متصلة، كما قاله الإمام عبد الحق الإشبيلي في الجمع. ورد الحافظ هذا الجواب وقال عنه:" والوجه الأول غلط، فإن الرواية متصلة هنا، وأما نسبة ذلك لبعد الحق فغلط على غلط؛ لأنه لم يقله إلا في طريق أخرى، وقع فيها:«أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة خردل من خير»، قال: هذه الرواية غير متصلة.
٢ - أن المراد بالخير المنفي: ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين، كما تدل عليه بقية الأحاديث" (١).
ومما ينبه إليه في هذا المقام: أن البعض استدل بحديث الجهنميين، واعتمد على كلام الإمام ابن رجب السابق في أنهم لم يعملوا خيراً قط بجوارحهم على أن تارك العمل الظاهر بالكلية تحت المشيئة مستوجب للنجاة عند الله تعالى، وهؤلاء لهم استدلالات هي في حقيقتها شبه مخالفة لمقالات علماء السلف، وقد رد الأئمة على هذه الشبه، ومن تلك الشبه: حديث الجهنميين الذي معنا.
فذهب الإمام ابن رجب، إلى أنهم لم يعملوا شيئاً من أعمال الجوارح، وأنهم من أهل التوحيد دون تفصيل، في حين ذهب في أحاديث النطق بالشهادة وجعلها شرطاً لدخول الجنة، وترتيب النجاة على قولها، إلى أنها نصوص مطلقة، مقيدة بأحاديث أخرى، مما يدل على أن كلام الإمام ابن رجب ينبغي أن يُحمل على حالات خاصة، كبعض شرار الخلق في آخر الزمان حين يفشوا الجهل، ويندرس الدين.
(١) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١٣/ ٤٢٩)