للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا جاء حديث حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً: «يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ، حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا نُسُكٌ، وَيُسَرَّى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَيَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا» قَالَ صِلَةُ بْنُ زُفَرَ لِحُذَيْفَةَ: فَمَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا نُسُكٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ فَرَدَّدَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالَ: "يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ" (١).

وبالجمع بين روايات هذا الحديث، يتبيّن أن الجهنميين من أهل الصلاة (٢) فلا يصح أن يُقال: إنهم تركوا العمل الظاهر بالكلية، فيكون الحديث خارجاً عن موضع النزاع.

إذن: فالواجب الجمع بين الروايات، ليُعلم العام من الخاص، والمطلق المقيد فتبقى النصوص على عمومها وإطلاقها، ويخصص أو يقيد ما عداها.


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ح (٨٤٦٠) وقال: صحيح على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي، دار (٤/ ٥٢٠)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ١٢٧)، انظر: الحوالي: ظاهرة الإرجاء: (٥١١)
(٢) انظر: محمد الخضير: الإيمان عند السلف وعلاقته: (٢/ ١٣٦)

<<  <   >  >>