للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك مما يقال في توجيه الحديث: أن اللفظ الوارد فيه: «لم يعملوا خيراً قط»، قد ورد في بعض الآثار الصحيحة، ولم يكن المراد منه، نفس المراد في حديثنا من نفي العمل الظاهر بالكلية، كما في حديث قاتل المائة، وفيه: «أنه لم يعمل خيراً قط» (١). وقد جاء في وصف ملائكة الرحمة لهذا الرجل: «جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله»، وهذا عمل صالح، وعليه: يمكن توجيه معنى النفي في الحديث بمعنى: النقص عن التمام والكمال، فيصير معنى هذه الكلمة على هذا الأصل: لم يعملوا خيرا قط على التمام والكمال، لا على ما أوجب عليه، وأمر به، أفاده الإمام ابن خزيمة (٢).

وفي حين ذهب البعض، إلى أن هذا الحديث من المتشابه، الذي يجب رده للمحكم (٣).

وذكر العلماء في تفسير قوله في الحديث: «فيقول الجبار: بقيت شفاعتي»: أنها من باب المطابقة لمن تقدمه من الشفاعات؛ لأن الله تعالى يخرجهم تفضلاً منه، من غير أن يشفع إلى أحد (٤).

وذكر الإمام القرطبي بعض السؤالات المفيدة، وأجاب عنها في كتابه التذكرة منها:

١ - ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري قال: «فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم» (٥)، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «يكتب على جباههم عتقاء الرحمن» (٦)، وهذا تعارض!


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتبا التوبة، باب قبول توبة القاتل ح (٢٧٦٦).
(٢) ابن خزيمة: التوحيد: (٢/ ٧٣٢) وانظر: الإيمان لأبي عبيد: ص (٤١)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة، مكتبة الدار - المدينة النبوية، ط ١ ١٤٠٦ هـ (٢/ ٥٧٨).
(٣) ابن عثيمين: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، دار الوطن، ١٤١٣ هـ (١٢/ ٧٢).
(٤) ابن الملقن: التوضيح لشرح الجامع الصحيح، دار النوادر -دمشق ط ١ ١٤٢٩ هـ (٣٣/ ٣٤٦).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ح (٧٤٣٩)، دار طوق النجاة، ط ١ ١٤٢٢ هـ.
(٦) الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية، دار الكتب العلمية - بيروت، ١٤٠٩ هـ (٥/ ٣٧٢).

<<  <   >  >>