للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الجمع: أن يكون بعضهم سيماهم في وجوههم، وبعضهم سيماهم في رقابهم، وقد جاء في حديث جابر، وفيه بعد إخراج الشافعين، ثم يقول الله تبارك وتعالى: «أنا الله أخرج بعلمي ورحمتي، فيخرج أضعاف ما خرجوا وأضعافهم، ويكتب في رقابهم عتقاء الله عز وجل، فيدخلون الجنة، فيسمون فيها بالجهنميين» (١)، فيحتمل أن يكون المعنى في حديث أبي سعيد وجابر رضي الله عنهما، فيخرجون كاللؤلؤ، يعرف أهل الجنة أشخاصهم بالخواتيم المكتوبة على جباههم، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولا تعارض على هذا.

٢ - إن قال قائل: لم سألوا محو ذلك الاسم عنهم «الجهنميون» وهو اسم شريف؛ لأنه سبحانه أضافه إليه، كما أضاف الأسماء الشريفة فقال: نبيي، وبيتي، وعرشي، وملائكتي، بخلاف المتحابين في الله، فقد جاء في الخبر: «إن المتحابين في الله مكتوب على جباههم، هؤلاء المتحابون في الله» (٢)، ولم يسألوه محوه.

والجواب: إنما سألوا ذلك بخلاف المتحابين في الله؛ لأنهم أنفوا أن ينسبوا إلى جهنم، التي هي دار الأعداء، واستحيوا من إخوانهم لأجل ذلك، فلما منّ الله عليهم بدخول الجنة، أرادوا إكمال الامتنان، بزوال هذه النسبة عنهم وأما سيما المتحابين، فعلامة شريفة، ونسبة رفيعة، فلذلك لم يسألوا محوها

٣ - فإن قيل: ففي هذا ما يدل على أن بعض من يدخل الجنة، قد يلحقه تنغيص ما، والجنة لا تنغيص فيها ولا نكد!

قيل له: هذه الأحاديث تدل على ذلك، وأن ذلك يلحقهم عند دخول الجنة ثم يزول ذلك الاسم عنهم. وقد مثل بعض علمائنا هذا الذي أصاب هؤلاء بالبحر تقع فهي النجاسات، أنه لا حكم لها، كذلك ما أصاب هؤلاء بالنسبة إلى أهل الجنة، وهو تشبيه حسن (٣).


(١) أخرجه ابن الجعد في مسنده ح (٢٦٣٩)، مؤسسة نادر - بيروت، ط ١ ١٤١٠ هـ.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده ح (٤١٦)، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٩٩٧ م.
(٣) القرطبي: التذكرة، مكتبة دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤٢٥ هـ، ص (٧٨٦).

<<  <   >  >>