للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاصة: أن الله جل وعلا يتفضل على بعض أهل النار فيخرجهم منها فضلاً، وكرماً، ووعداً منه حقاً، وكلمة صدقاً {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨]، فسبحان الرؤوف بعباده (١).

يقول الإمام أبو طالب المكي:" ويعتقد إخراج الموحدين من النار بعد الانتقام، حتى لا يبقى في جهنم موحد، بفضل الله بشفاعة الشافعين من النبيين والصديقين، وأن لكل مؤمن شفاعة بإذن الله، فيشفع النبيون والصديقون، والعلماء، والشهداء، وسائر المؤمنين، كل واحد وسع جاهه وقد منزلته. أجمعت الرواة بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إثبات الشفاعة، وفي إخراج الموحدين من النار، وهم الجهنميون من أهل الطبقة العليا من النار وهو معنى قول الله تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (٢)} ... [الحجر: ٢]، قال أهل التفسير: ذلك عند إخراج الموحدين من النار، ويبقى الباقي لرحمة أرحم الراحمين، فيخرج من النار بمشيئته، وسعة رحمته وفضل فضله من لم يشفع لهم الشافعون، ولم يقدم في الشفاعة لهم المرسلون، هكذا روينا معناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فهذه عقود السنة الهادية، وطريقة الأمة الراضية وقد أجمع السلف من المؤمنين على ما ذكرناه من قبل، أنه لم ينقل عن أحد منهم خلافه، ولا روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضده، بل قد روي في كل ما ذكرناه أخبار توجب إيجابه، ومعاني تشهد لإثباته، وتولى الله تعالى إجماعهم على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما تولى إظهار دينه على الدين كله " (٢). ... وقال بعضهم:

وقل يخرج الله العظيم بفضله من النار أجساداً من الفحم تُطرح


(١) القرطبي: التذكرة، مكتبة دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤٢٥ هـ، ص (٧٨٦).
(٢) أبو طالب المكي: قوت القلوب، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٤٢٦ هـ (٢/ ٢١٢).

<<  <   >  >>