للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام ابن تيمية: " فإن الله جل وعلا، يُضيق النار على من فيها لسعتها، فإنه قد وعدها ليملأنها من الجِنّة والناس أجمعين، وهي واسعة فلا تمتلئ حتى يضيقها على من فيها، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقاً، فيدخلهم الجنة، فلا يضيقها سبحانه، بل ينشئ لها خلقاً فيدخلهم الجنة، لأن الله يدخل الجنة من لم يعمل خيراً؛ لأن ذلك من باب الإحسان، وأما العذاب بالنار فلا يكون إلا من عصى، فلا يعذب أحداً بغير ذنب" (١).

(٢) كمال الكرم والرحمة الإلهية:

يقول الإمام ابن القيم: "والرب جل وعلا، وسع كل شيء رحمة وعلماً فوصلت رحمته إلى حيث انتهى علمه، فليس موجود سوى الله تعالى، إلا وقد وسعته رحمته وشملته، وناله منها حظ ونصيب، ولكن المؤمنين اكتسبوا أسباباً استوجبوا بها تكميل الرحمة ودوامها، والكفار اكتسبوا أسباباً استوجبوا بها صرف الرحمة إلى غيرهم ... كتب على نفسه الرحمة، ولم يكتب عليها الغضب، وسبقت رحمته غضبه وغلبته، ولم يسبقها الغضب ولا غلبها ووسعت رحمته كل شيء، ولم يسع غضبه وعقابه كل شيء، وخلق الخلق ليرحمهم لا ليعاقبهم، والعفو أحب إليه من الانتقام، والفضل أحب إليه من العدل، والرحمة آثر عنده من العقوبة، لهذا لا يخلد في النار من في قلبه مثقال ذرة من خير" (٢).

ومن مقتضى هذه الرحمة، وكمال العدل للرب جل وعز، أنه حين يبقى فضل في الجنة بعد أنه ينزل أهل الجنة منازلهم، ينشئ الرب جل في علاه أقواماً فيدخلهم الجنة؛ كرماً منه وفضلاً، وهذا هو ملؤها، فإن الله سبحانه لا يظلم أحداً من خلقه.


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (١٦/ ٤٧).
(٢) ابن القيم: مختصر الصواعق المرسلة، دار الحديث - القاهرة، ط ١ ١٤٢٢ هـ، ص (٢٦١).

<<  <   >  >>