للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال:" وأما اللفظ الذي وقع في صحيح البخاري في حديث أبي هريرة ... فغلط من بعض الرواة، انقلب عليه لفظه، والروايات الصحيحة، ونص القرآن يرده، فإن الله سبحانه أخبر أنه يملأ جهنم من إبليس وأتباعه، فإنه لا يعذب إلا من قامت عليه حجته، وكذب رسله، قال تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (٩)} [الملك:٨ - ٩]، ولا يظلم الله أحداً من خلقه" (١).

وقال الإمام ابن الوزير عن هذا الحديث:" فهذا حديث مقلوب، انقلب على بعض رواته" (٢)، وقال الحافظ ابن حجر: "وقال جماعة من الأئمة: إن هذا الموضع مقلوب، وجزم ابن القيم بأنه غلط، واحتج بأن الله تعالى أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس وأتباعه، وكذا أنكر الرواية شيخنا البلقيني واحتج بقوله: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} [الكهف:٤٩] (٣).

وقد ذهب بعض العلماء إلى تأويل اللفظ المذكور في الحديث، مع معارضته في الظاهر لقول الله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} [الكهف:٤٩]؛ تخلصاً من نسبة الغلط إلى الراوي. ومن تأويلاتهم (٤):

قالوا: المراد بالخلق: ما يكون من غير ذوي الأرواح، وذلك كأحجار تلقي في النار، وذلك لئلا يلزم أن يعذب أحد بغير ذنب.

وقال بعضهم: لا مانع أن يكون المنشأ للنار من ذوي الأرواح، غير أنهم لا يعذبون بها، وذلك كما في خزنتها من الملائكة.

وقال بعضهم: ينشئ الله تعالى لها خلقاً لم يكن في الدنيا.


(١) ابن القيم: حادي الأرواح، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٠٣ هـ، ص (٣٩٤)
(٢) ابن الوزير: إيثار الحق على الخلق، دار الكتب العلمي - بيروت، ط ٢ - ١٩٨٧ م، ص (٢١٧)
(٣) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (١٣/ ٤٣٧)
(٤) انظر: ابن بطا ٠٠٠٠ ل: شرح صحيح البخاري (١٠/ ٤٧٢)، ابن حجر: فتح الباري: (١٣/ ٤٣٦) السمعوني: توجيه النظر ص (٣١٩ - ٥٢٠)

<<  <   >  >>