للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تنوعت صور العبادة التي توصل العبد بربه، فشملت عبادة القلب وعبادة الجوارح، وقد عرف الإمام ابن تيمية العبادة بشمولها فقال:" العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة. فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين , والإحسان للجار، واليتيم والمسكين، وابن السبيل، والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء، والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة، وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمة، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك هي من العبادة لله" (١).

والعبادة التي هي مدار العلاقة بين العبد وربه، واسعة في متعلقاتها عظيمة في مشمولاتها، فمن أجل العبادات وأعظمها، عبادة التفكر، "وقد حض ... الله سبحانه عباده على التفكر في آياته، وتدبرها وتعلقها، وذم الغافل عن ذلك" (٢).

فالله جل وعز، دعا عباده إلى التفكر في آياته، "وجعلها آيات دالة على كمال قدرته، وعلمه، ومشيئته، وحكمته، وملكه، وعلى توحده بالربوبية والإلهية " (٣).

"فالقرآن كله مملوء من دعاء العباد، إلى التفكر في الآيات، والنظر في أحوال المخلوقات، ونظر الإنسان في نفسه، وتفاصيل أحواله، وأخص من ذلك نظره فيما قدم لغده، ومطالعته لنعم الله عليه، بالإيمان، والتوفيق والهداية، وتذكر ذلك والتفكر فيه، وحمد الله وشكره عليه" (٤).


(١) ابن تيمية: العبودية، المكتب الإسلامي – بيروت، ط ٧ ١٤٢٦ هـ، ص (٤٤).
(٢) ابن القيم: الجواب الكافي، دار المعرفة – المغرب، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (١٥٦).
(٣) ابن القيم: حادي الأرواح، دار الكتب العلمية – بيروت، ط ١ ١٤٠٣ هـ، ص (١٩٢).
(٤) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي – بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (١/ ٢٨١).

<<  <   >  >>