للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول اللقاني في منظومته جوهرة التوحيد (١):

وكل نص أوهم التشبيها ... أوله أو فوض ورُم تنزيها

وقد بنوا هذا المانع العقلي المعارض للنصوص، على دليل حدوث الأجسام فقالوا: " إن القول بما دل عليه السمع من إثبات الصفات والأفعال، يقدح في أصل الدليل الذي به علمنا صدق الرسول، وقالوا: إنه لا يمكن تصديق الرسول - لو قُدر أنه يُخبر بذلك -؛ لأن صدقه لا يُعلم إلا بعد أن يُثبت العلم بالصانع، ولا طريق إلى إثبات العلم بالصانع إلا القول بحدوث الأجسام " (٢).

قال الإمام ابن تيمية: " فهذه هي أعظم القواطع التي يعارضون بها الكتب الإلهية، والنصوص النبوية، وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها " (٣).

وابتلي بهذا القانون جماعات، حتى صار " منهجا لمعظم المتكلمين المعارضين لصحيح المنقول بشبهاتهم العقلية، حيث توارثوه جيلا، فكل من أراد أن يُؤول أو يرد نصا من نصوص الصفات، فلا بد أن يُشير إليه " (٤).

وقد انبرى شيخ الإسلام ابن تيمية للرد على هذه الشبهة، " فذكر في الجواب تسعة عشر وجها، مفصلة أتم تفصيل، في بيان أن صريح المعقول لا يخالف صحيح المنقول. وفيه الذب عن الشريعة الغراء، وأنها وافية بكل ما يستوجب سعادة الدارين، ليس لها حاجة بإكمالها بالقواعد التي وضعها علماء الكلام من أعداء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن جميع ما جاءت به الشريعة الغراء مما يوافق ما تقتضيه العقول السليمة، وأن نصوصها لا تُؤول لأجل تطبيقها على ما اخترعوه من الآراء الفاسدة، والأقوال الكاسدة " (٥).

وذكر الإمام ابن تيمية أن أكثر الناس صوابا في العقليات، أقربهم إلى طريقة السلف والأئمة، فطريقهم أكمل الطرق وأصحها؛ لأنها موافقة للطرق التي دل عليها القرآن وأرشد إليها.


(١) الرديعان: عقيدة الأشاعرة: ص (٢٠١).
(٢) ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: (١/ ٣٠٦).
(٣) ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: انظر: المحمود: موقف ابن تيمية من الأشاعرة ط ١ - ١٤١٥ هـ، (٢/ ٨٢٠).
(٤) جابر إدريس: منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل (٢/ ٤٥٦).
(٥) محمود الألوسي: غاية الأماني في الرد على النبهاني: (١/ ٤٤١).

<<  <   >  >>