للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالسنة النبوية المطهرة، ربطت الأعمال المطلوب إيقاعها، بالإيمان باليوم الآخر؛ لما له من أثر في القبول والاستقامة، فإن "من آمن بالله حق إيمانه خاف وعيده، ورجا ثوابه، ومن آمن باليوم الآخر، استعد له، واجتهد في فعل ما يدفع به أهواله ومكارهه، فيأتمر بما أمر به، وينتهي عما نهي عنه ويتقرب إلى الله بفعل ما يقرب إليه" (١). وحتى يُظهر الشارع الحكيم، الاهتمام والاعتناء بكل خصلة مستقلة عن الأخرى، كرر مقتضى الدافع للعمل وهو الإيمان بالله واليوم الآخر ثلاث مرات (٢).

وفي سر اختيار هذه الأمور الثلاثة في الحديث يقول الإمام الكرماني:" فإن قلت: ما وجه ذكر هذه الأمور الثلاثة؟ قلت: هذا الكلام من جوامع الكلم؛ لأنها هي الأصول، إذ الثالث منها إشارة إلى القولية، والأولان إلى الفعلية: الأول منهما إلى التخلية عن الرذائل، والثاني إلى التحلية بالفضائل" (٣).

والمعنى العام للحديث، يعني: من كان إيمانه بالله اليوم الآخر، إيماناً كاملاً فينبغي أن تكون هذه حاله وصفته (٤).

وقيل: الحديث لا يختص حكمه بأهل الكمال؛ لأن الإيمان وغيره مطلوب من كل مؤمن، فلا يختص طلبه بأهل الكمال، بل كل أحد يؤمر ليصل ذلك الكمال (٥).

وقد ورد في بعض روايات حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ «(٦).


(١) القرطبي: المفهم، دار ابن كثير - دمشق، ط ٥ ١٤٣١ هـ (١/ ٢٢٩).
(٢) القاري: مرقاة المفاتيح، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٧/ ٢٧٣١).
(٣) العيني: عمدة القاري، دار إحياء التراث العربي - بيروت: (٢٢/ ١١٠ - ٢٣/ ٧١).
(٤) ابن بطال: شرح صحيح البخاري، مكتبة الرشد - الرياض، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (٩/ ٣١٠).
(٥) السندي: كفاية الحجة في شرح سنن ابن ماجه، دار الجيل - بيروت: (٢/ ٣٩١).
(٦) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه ح (٦١٣٨).

<<  <   >  >>