للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الحديث إشارة إلى أن القاطع، كأنه لم يؤمن بالله واليوم الآخر؛ لعدم خوفه من شدة العقوبة المترتبة على القطيعة (١)، والمقصود بالصلة: تشريك ذوي القرابات في الخيرات (٢).

وكما أن السنة المطهرة، بينت آثر الإيمان باليوم الآخر، في التحفيز على العمل، كذلك بينت أثر الإيمان باليوم الآخر، في الكف عن النواهي والزجر عن المحرمات، والنصوص الواردة في هذا الجزئية كثيرة جداً، كلها تدل على أن سبب الانزجار والانتهاء عما نهت عنه هذه الأحاديث، هو الخوف من مغبة الوقوع في هذه الأعمال، والجزاء المخيف المترتب عليها يوم القيامة.

ومن النصوص الواردة في ذلك ما يلي:

(أ) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» (٣).

حب الأنصار من الإيمان ودلالة عليه، فإن من عرف مرتبة الأنصار، وما كان منهم في نصرة دين الإسلام، والسعي في إظهاره، وإيواء المسلمين وقيامهم في مهمات دين الإسلام حق القيام، وحبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحبه إياهم وبذلهم أموالهم وأنفسهم بين يديه، وقتالهم ومعاداتهم سائر الناس؛ إيثاراً للإسلام من عرف فيهم هذه الخصال أحبهم، ولذا كان حبهم إيمان ودين وإحسان، وبغضهم نفاق.

ولا يبغضهم إلا من خلا قلبه من الإيمان بالله واليوم الآخر، خاصة بعدما عرف ما لهم من الفضل والمكانة، والنصرة بالمال، والنفس، والولد.

وهذا الحب والإجلال، والإكرام والاحترام، واجب لكل صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون إفراط في حب أحد منهم، أو تبرئ من أحدهم، مع سلامة القلوب والألسنة تجاههم، وإحسان القول فيهم، وذكرهم بالجميل والإمساك عما شجر بينهم، والتماس أحسن الأعذار لهم.


(١) القاري: مرقاة المفاتيح، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٧/ ٢٧٣٢).
(٢) العيني: عمدة القاري، دار إحياء التراث العربي - بيروت: (٢٢/ ١٧٦).
(٣) أخرجه مسلم كتاب الإيمان، باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي من الإيمان وعلاماته ح (٧٦).

<<  <   >  >>