للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ب) عن أبي شريح العدوي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً ... » (١).

فضل مكة أمر مشهور لا يخفى على أحد، ومن مكانتها أن الله عز وجل حرمها، وجعل لحرمها خصائص لا يكون لغيره، وتعظيم هذه الشعائر من تعظيم الله تعالى، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج:٣٠].

وأن الذي يدعو إلى تعظيم شعائر الله عز وجل، هو إيمان المرء بالله واليوم الآخر، وأن من قلّ في قلبه تعظيم الله تعالى، وغابت عن ناظريه مشاهد الآخرة، هانت عليه هذه الشعائر، فوقع في الحرام، وما يغضب الرحمن سبحانه. ومقتضى الوصف في الحديث بقوله: (لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر) هو التهييج.

يقول الإمام ابن دقيق العيد:" الذي أراه أن هذا الكلام من باب خطاب التهييج، فإن مقتضاه أن استحلال هذا المنهي عنه، لا يليق بمن يؤمن بالله واليوم الآخر، بل ينافيه، هذا هو المقتضى لذكر هذا الوصف" (٢)، ويقول الحافظ ابن حجر:" فيه تنبيه على الامتثال؛ لأن من آمن بالله، لزمته طاعته، ومن آمن باليوم الآخر، لزمه امتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه؛ خوف الحساب عليه" (٣).

(ج) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا حُرْمَةٌ» (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الحج، باب لا يعضد شجر مكة ح (١٨٣٢).
(٢) ابن دقيق العيد: إحكام الأحكام، مطبعة السنة المحمدية، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٢/ ٦١)
(٣) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (٤/ ٤٣)
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم ح (١٠٨٨).

<<  <   >  >>