إن المراد بالأثر في هذا المقام، هو الأثر الإيجابي الذي يعمل في نفس الشخص عمله، فيصنع منه إنساناً له شخصية تكاملية في جميع النواحي ... يظهر أثرها في الناحية التعبدية، والسلوكية، والأخلاقية، والنفسية، فيرجع أثرها المبارك على نفسه، وأهله، ومجتمعه.
أما ما يجنيه المنكر، أو المتناسي لليوم الآخر من الآثار السلبية، فهي مع ما تؤدي إليه من فقدان مستوى الأمان والطمأنينة والسعادة، لدى صاحبها، إلا أنه كذلك، يعايش نفسا مليئة بالقلق، والحيرة، والاضطراب.
وكذا فإن الإنسان "ما دام لا يخاف أو لا يرجوا نتيجة سيئة أو حسنة، وراء هذه الحياة الدنيا، فإنه لا يطمح ببصره وراء أعماله، إلا إلى النتائج العاجلة الظاهرة في هذه الدنيا نفسها، ولذلك لا بد أن تتغير قيم الأعمال المعنوية على وجه ليس له بحال، أن يكون ملائماً لمجتمع إنساني مهذب، بل الأصح أن أي طائفة إنسانية، إذا تمنت لأخلاقها مثل هذا المستوى الدنيء، فإنها لن تنقذ نفسها من التدهور، إلى درجة أحط من درجة البهائم، والوحوش الضارية"(١).
إن الغافل عن اليوم الآخر، سيعيش هملاً لا أهدافاً ينتظر تحقيها، ولا غايات يؤمل الوصول إليها، وهذا يخلق فيه اليأس نحو مستقبله؛ لأنه لا أمل لديه، فتصير حياته كأنها كابوساً مزعجاً، أو سجناً محزناً، أو ألماً موجعاً لا يدري كيف ستكون نهايتها، ولذا ربما أقدم إلى ما يشعره بالخلاص، من هذه الأوهام التي تنتابه، والأوجاع التي يشعر بها.
ومن هنا كان الخلاص كل الخلاص، أن يؤمن المرء ويعتقد: بأن ثَمَّ يوم يجازى فيه المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، هذا اليوم يجد فيه المطيع لذة طاعته، ونتيجة مجاهدته، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (٦٩)} [العنكبوت:٦٩].
ولذا عندما ادعى بعض الناس، أن الأجساد لا تبعث يوم القيامة، قال فيها المعري:
قال المنجم والطبيب كلاهما ... لا تبعث الأموات قلت: إليكما
(١) سعيد حوى: الإسلام، دار السلام للطباعة - ط ٣ ١٤١٧ هـ، ص (٧٦٦)