للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا زكريا بن يحي بن عبد الملك، كان من كبار الأخيار، يقول محمد بن جعفر بن سام: لو قيل لأبي يحي الناقد: غداً تموت ما ازداد في عمله، وقال:" اشتريت من الله تعالى حوراء، بأربعة آلاف ختمة، فلما كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء وهي تقول: وفيت بعهدك، فها أنا التي قد اشتريتني، فيقال: إنه مات عن قريب" (١).

وهذا صفوان بن سليم الزهري، أحد الأكابر، يقول عنه أنس بن عياض: "رأيت صفوان بن سليم لو قيل له: غداً القيامة، ما كان عنده مزيد على ما هو عليه من العبادة" (٢).

وهذا حماد بن سلمة، الزاهد العابد، يقول عنه الإمام عبد الرحمن بن المهدي:" لو قيل لحماد بن سلمة: إنك تموت غداً ما قدر أن يزد في العمل شيئاً " (٣)، ولذا حَسُنت خاتمته، فمات في المسجد وهو يصلي.

ويحكي حماد بن سلمة، عما رآه من همة أبي سليمان التيمي فيقول: "ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاع الله عز وجل، إلا وجدناه مطيعاً، فإن كان في ساعة صلاة وجدناه مصليا، فإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إما متوضئاً، أو عائداً، أو مريضاً، أو مشيعاً لجنازة، أو قاعداً يسبح في المسجد، قال: فكنا نرى أنه لا يحسن أن يعصي الله عز وجل" (٤).

إن همم الصحابة رضي الله عنهم أعلى الهمم، فقد بلغوا في الطاعة غايتها إلا أن بعضهم غلا في التعبد، رغبة في الأجر، حتى حرموا أنفسهم الحلال.


(١) ابن الجوزي: صفة الصفوة، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢١ هـ (١/ ٥١٧).
(٢) ابن الجوزي: صفة الصفوة، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢١ هـ (١/ ٣٨٤).
(٣) ابن الجوزي: صفة الصفوة، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢١ هـ (٢/ ٢١٤).
(٤) ابن الجوزي: صفة الصفوة، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢١ هـ (٢/ ١٧٦).

<<  <   >  >>