إِذْ ذَاك فَوق خمسين سنة وعمري دون الثَّلَاثِينَ ثمَّ مَا زَالَ يتَرَدَّد إليّ وفي بعض المواقف بِمحضر جمَاعَة وَقعت بيني وَبَينه مُرَاجعَة في مسَائِل وَأَكْثَرت الِاعْتِرَاض على مسَائِل من فقه الْحَنَفِيَّة وأوردت الدَّلِيل وَمَا زَالَ يتطلب المحامل لما تَقوله الْحَنَفِيَّة فَلَمَّا خلوت بِهِ قلت لَهُ أصدقني هَل ماتبدية فِي الْمُرَاجَعَة تعتقده اعتقاداً جَازِمًا فإن مثلك فِي علمك بِالسنةِ لَا يظن بِهِ أنه يُؤثر مذْهبه الَّذِي هُوَ مَحْض الرَّأْي في بعض الْمسَائِل على مَا يُعلمهُ صَحِيحا ثَابتا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَقَالَ لَا أعتقد صِحَة مَا يُخَالف الدَّلِيل وإن قَالَ بِهِ من قَالَ وَلَا أدين الله بِمَا يَقُوله أَبُو حنيفَة وأصحابه إِذا خَالف الحَدِيث الصَّحِيح وَلَكِن الْمَرْء يدافع عَن مذْهبه في الظَّاهِر ثمَّ وَفد إلى صنعاء مُدَّة أُخْرَى بعد سنة ١٢٠٩ وَوصل إليّ وَرجع إلى وَطنه وَبلغ بعد ذَلِك مَوته رَحمَه الله وَكَانَ ذكياً فطناً سَاكِنا متواضعاً جيد الْفَهم قوي الإدراك
٢٠٧ - السَّيِّد صَلَاح بن أَحْمد بن مهدي المؤيدي
كَانَ من عجائب الدَّهْر وغرائبه فإن مَجْمُوع عمره تسع وَعِشْرُونَ سنة وَقد فَازَ من كل فن بِنَصِيب وافر وَصَارَ لَهُ فِي الْأَدَب قصائد طنانة يعجز أهل الْأَعْمَار الطَّوِيلَة عَن اللحاق بِهِ فِيهَا وصنف في هَذَا الْعُمر الْقصير التصانيف المفيدة والفوائد الفريدة العديدة فَمن مصنفاته شرح شَوَاهِد النَّحْو وَاخْتصرَ شرح العباسى لشواهد التَّلْخِيص وَشرح الْفُصُول شرحاً حافلاً وَشرح الْهِدَايَة ففرغ من الْخطْبَة وَقد اجْتمع من الشَّرْح مُجَلد وَله مَعَ ذَلِك ديوَان شعر كُله غررودرر وَفِيه مغانى مبتكره فَمِنْهُ