للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيمانًا واحْتِسَابًا غفر لهُ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبهِ" (١).

قال ابن حجر: "والمراد بالإيمان الاعتقاد بحق فرضية الصوم، وبالاحتساب طلب الثواب من الله تعالى، وقال الخطابي: احتسابا أي عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه ومستطيل لأيامه" (٢).

وقال فيمن تبع الجنازة: "مَنْ تَبعَ جَنازَةَ مسْلِم إِيمانًا واحْتِسَابًا وكَانَ مَعَهَا حَتى يصَلى عَلَيْهَا، ويفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنّه يَرْجع مِنْ الَأجْرِ بِقيرَاطَيْن، كل قِيراطٍ مثْلُ أحُدٍ، وَمَنْ صَلى عَلَيْها، ثم رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تدْفَن، فَإِنَّه يَرْجِع بِقيرَاطٍ منَ الَأجر" (٣).

ولو ذهبنا نورد النصوص المرغّبة والمرهبة من الكتاب والسنة لطال القول، وقد ألّف الحافظ المنذري (٤) كتابه الترغيب والترهيب في ثلاث مجلدات، وحسبنا أن الله قد عد القرآن مبشرا ونذيرا: {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} (٥).

ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (٦).

فكيف بعد أن ثبت أن دين الله كله دعوة إلى العباد كي يطلبوا الجنّة، ويهربوا من النار، وأن سادة المؤمنين من الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء كلّهم


(١) رواه البخاري (الفتح ٤/ ١١٥)، ورواه النسائي (٤/ ١٥٤)، وعزاه في صحيح الجامع إلي المسند وأبي نعيم (صحيح الجامع ٥/ ٣٠٩).
(٢) فتح الباري (٤/ ١١٥).
(٣) رواه البخاري والنسائي (صحيح الجامع ٥/ ٢٦٧).
(٤) هو عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله، شيخ الإسلام زكي الدين أبو محمد المنذري الشامي، ثم المصري، عديم النظير في معرفة الحديث على اختلاف فنونه، وكان إمامًا حجة ثبتًا ورعًا متحريًا.
ألف (الترغيب والترهيب)، واختصر (صحيح مسلم)، و (سنن أبي داود)، توفي سنة (٦٥٦ هـ).
(٥) سورة الكهف: ٢.
(٦) سورة الأحزاب: ٤٥ - ٤٦.

<<  <   >  >>