العلاج الحقيقي وتأثير العلاج الوهمي (إذ إن للعلاج الوهمي تأثيرًا!) وقياس مدى أفضلية الدواء الجديد على البلاسيبو، والبرهنة مِنْ ثَمَّ على أنه علاج حقيقي فعال.
يرد بعض الباحثين هذا الأثر البلاسيبي إلى مجرد شعور «ذاتي» بالتحسن كنتيجة للاعتقاد في العلاج والإيمان بتأثيره الشفائي، ويرده البعض إلى «المسار الطبيعي» natural course للمرض، بما يعتريه من «اشتدادات» exacerbations و «هدآت» remissions وفترات هجوع طويلة وتراجع طبيعي، وربما الشفاء التلقائي التام كمآلٍ طبيعي لكثير من الأمراض والإصابات.
غير أن تراكم الأبحاث وتواتر الملاحظات المؤيِّدة للأثر البلاسيبي يُشير إلى أن الأمر أكبر من مجرد إحساس ذاتي زائف: ثمة تحسن حقيقي مشهود وموثَّق ومَقِيس، حتى في بعض الأمراض العضوية المكينة:
يزيل بعض الأطباء أنواعًا من الزوائد الجلدية بدهانها بصبغة خاملة براقة والوعد بأنها تزول مع زوال الصبغة!
وفي دراسات عن الربو الشعبي تبين أن استنشاق بلاسيبو يُوسِّع الشعب الهوائية توسيعًا حقيقيًّا مَقِيسًا.
وفي التهابات القولون وُجد تحسنٌ حقيقي في خمسين بالمائة من المرضى إثر تعاطيهم دواءً خاملًا (بلاسيبو).
ومن الروايات البحثية الفذة ما سجله أحد أطباء القلب بصدد الإجراء الجراحي المعروف بربط الشريان الثديي الداخلي في بعض حالات الذبحة الصدرية (لزيادة المدد الدموي إلى عضلة القلب): فقد وجد الأطباء، بالمصادفة، أن الجراحة الوهمية المتضمنة لمجرد الفتح الجراحي من دون ربط الشريان قد أدت إلى نفس الأثر العلاجي. (وهو تحسن ٩٠? من المرضي!)
في ضوء هذه النتائج الملموسة الثابتة ربما يكون التفسير الأمثل لظاهرة «الأثر البلاسيبي» هو التفسير البيوسيكولوجي، فمن الواضح أننا بإزاء ظاهرة معقدة ربما لا يسعها إلا تفسير مركب يضفر التفسير النفسي بتفسير بيوكيميائي: فمن شأن «الاعتقاد» في العلاج، ومشاعر الاهتمام والرعاية، والمساندة والتشجيع والأمل، التي يبثها الموقف العلاجي، أن تستفز في الجسم آلياتٍ فسيولوجية تُفضي إلى أثر فيزيقي حقيقي:
قد يكون هذا الأثر من خلال إطلاق «الإندورفينات» endorphins في مواضعها ومساراتها العصبية.