العطف شعورٌ نبيل يتحلى به كل ذي أصلٍ كريمٍ، والشفقة عاطفة نبيلة يتسم بها كل ذي معدنٍ طيب، لا بأس قَطُّ باستدرار العطف والشفقة إذا استدعى السياق وخلصَت النية، إنما يكمن الخطأ في أن تسنِد إلى العطف وظيفةَ البَيِّنة، وأن تأخذ الشفقة مأخذ الحُجة.
[أمثلة]
(١)« … فَلتَأخُذكم الشفقة بهذه المتهمة يا حضرات القضاة، فإنها إذا أودِعتِ السجن فسوف تتحطم حياتها وحياة من تقوم برعايتهم. أليس الأَوْلَى أن ننقذ حياةً لا أن نحطم حياة؟»(ليست الشفقة هنا في غير موضعها فحسب (لم يذكر الدفاع حال المجني عليه الآن وحال عياله!) بل إنها خارجة عن الموضوع وغير ذات صلة بعملية الدفع.)
(٢)« … لا بُدَّ أن الحل الذي توصلتُ إليه لهذه المسألة الرياضية هو حل صحيح: لقد توصلت إليه بعد عناء خمس ساعات من اعتصار الفكر والتركيز المتصل.»(إن الفكرة الخطأ هي فكرة خطأ سواء كانت نتاجًا لخمس دقائق من التفكير أو لخمسة عقود! وإن الزمن الذي أُنفِق أو الجهد الذي بُذِل في فكرةٍ ما لا يُنبِئنا بشيء عن صوابها أو خطئها، إنه، ببساطة، خارج عن الموضوع.)
(٣)« … ينبغي تيسير الامتحانات على جميع الطلبة؛ لأنكم تعرفون مدى البؤس الذين يَرِين على الطالب المتوسط أو الضعيف حين يحصل على درجات متدنية أو حين يرسب.» (للحلم «موضعٌ» حقًّا، هو بالنسبة لهذا المثال في وزارة الشئون الاجتماعية لا في وزارة التربية والتعليم أو وزارة التعليم العالي، وما أفسد التعليمَ مثل هذا «التيسير» الذي يتملق الحشود ويذبح النوابغ ويطمس بَريقَهم ويُسوِّيهم بالأواسط الأنصاف mediocres، وينتخب ثُفالةً من الحَفَظة وعادمي المَلَكة يليق بهم القَعْر، ويضعهم على قمة الهرم الاجتماعي والعلمي، ثم يطلب منهم أن يجروا المجتمع إلى الأمام! وما هكذا تتقدم المجتمعات وتُقلع الأمم.) (١)
(٤)« … كيف ترفض رسالتي للدكتوراه؟ لقد عكفتُ على كتابتها سبعَ سنواتٍ متصلة!»
(٥)«كيف تقول إن الكرة خارج الخط؟ إنها داخله، ثم إني مهزومٌ عشرة إلى واحد!»
(١) يقول المثلُ العربي: «ما هكذا يا سعد تُورَد الإبل.»