على قرارهم النزيه، ونحن نجزع كثيرًا إذا اكتشفنا أن قادتنا السياسيين إنما تسهم في تمويل حملاتهم الانتخابية شركات لديها مصلحة في منحاهم السياسي الخاص ومنهجهم في إقرار المشروعات، لقد عَلَّمتنا التجارب أن القرارات تتأثر بالمصالح المكتسبة لصانعها، وإن لدينا ما يدفعنا إلى الاحتياط والتوقي بإزاء صراعات المصالح.
وإنما تفعل مغالطةُ الظروف الشخصية فعلها لأنها تحاكي حذرنا المشروع من صراع المصالح أو تلعب على وتره، غير أن الحجج شيءٌ والقرارات شيءٌ آخر: فقد يؤدي صراع المصالح بشخص ما إلى التفكير الخطأ وبالتالي إلى القرار الخطأ، غير أن صراعه الخاص ينبغي ألا يؤثر على تقييمنا لحُجَّته، وعلينا أن نُقرر أنقبل حجته أم لا نقبلها، فالقرار الآن هو قرارُنا نحن لا قراره، وعليه فمن الحصافة الآن أن نتوقى صراع مصالحنا نحن، أما صراع مصالحه فهو تشتيت خارج عن الموضوع.
(٤) أنت أيضًا (تفعل ذلك) Tu quoque
يا أيها الرجلُ المعلِّم غيره … هلَّا لنفسِك كان ذا التعليمُ
لا تنهَ عن خُلقٍ وتأتِ بمثله … عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
؟؟
يُحرِّم فيكم الصَّهباء صبحًا … ويشربها على عمدٍ مساءَ
إذا فعل الفتى ما عنه يَنْهَى … فمن جهتين لا جهةٍ أساءَ
المعري
تعني عبارة tu quoque: أنت أيضًا؛ أي أنت أيضًا تفعل ذلك، هنا يقلب المغالط الطاولة على خصمه، باعتباره لا يفعل ما يعِظُ به، أو لا يجتنب ما يَنهَى عنه، ويظن المغالط أنه قد تم له بذلك تفنيد الخصم ورد سهمه إلى نحره، وكأن الخطأ يُشَرِّع الخطأ أو كان «خطأين يصنعان صوابًا» two wrong make a right.