للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلقَها للأهمية التي يوليها الأستاذ لحصول الطالب على درجة A في مادةٍ معينة، (١) بوسعنا أن نؤوِّل هذا على أنه «قياسٌ مضمر» enthymeme (٢) تقديره:

إنه لمن أشد دواعي البؤس والجزع ألَّا أحصل على درجة A.

(مقدمة ١)

إنَّ عليك ألَّا ترمي بي في حضيض البؤس والجزع.

(مقدمة ٢)

عليك، إذن، أن تمنحني درجة A.

(النتيجة)

ورغم أننا نُسَلِّم بأن هذه الحجة تندرج ضمن فئة «الحجج الانفعالية» التي تَحَدَّث عنها جلبرت، فليس ما يمنع أن نعاملَها كغيرها من الحجج، فنفحص مقدماتها ونُقيِّمها من حيث القبول والرفض، وننظر فيما إذا كانت النتيجة فيها تلزم عن المقدمات.

ولا يخفى على القارئ الآن أن المقدمة «٢» فيها نظر! فالأستاذ، بعد كل شيء، يعمل بمَرفق التعليم العالي وليس بمرفق الشئون الاجتماعية، إن عليه أن يُعِين الطالبَ ويدعمه بأن يقرِّب إليه مادتَه العلمية ويُذلل قطفها، وليس بأي طريق آخر، والحجة من ثم تندرج في مغالطة «الاحتكام إلى الشفقة» ad misericordiam.

[مثال ٢]

هذا إعلانٌ مصوَّرٌ عبارة عن رأس أسد يزأر مكتوب عليه «كينا بسليري الحديدية»، إذا تأملنا إعلانًا كهذا وجدنا أنه لا يعدو أن يكون «استعارة بصرية» visual metaphor مُفادُها أن تناول كينا بسليري الحديدية بانتظام تجعل المرء قويًّا مفعمًا بالنشاط، وبالنظر إلى أنه إعلانٌ تجاري فإن بوسعنا تأويله إلى «قياس مضمر» أيضًا تقديرُهُ:

إذا تناولت كينا بسليري صِرت قويًّا مفعمًا بالنشاط.

(مقدمة ١)

النشاط والقوة أمران مرغوبان.

(مقدمة ٢)

إذن من المرغوب فيه أن تتناول كينا بسليري (تشتريها).

(النتيجة)


(١) Gilbert، Michael، ١٩٩٧.Coalescent Argumentation.Mahwah; Lawrence Erlbaum Associates.
(٢) «القياس المضمر» enthymeme هو قياس منطقي حُذِفت مقدمته الكبرى أو الصغرى إما لظهورها والاستغناء عنها، وإما لإخفاء كذبها، ومن البيِّن أن القياس الوارد هنا قد طُوِيت مقدمتاه معًا! وناب التعبير الانفعالي عنهما.

<<  <   >  >>