إن القدح الشخصي ليس مغالطة بحد ذاته، إنما تأتي المغالطة حين نجعل العيب الشخصي أساسًا لرفض دعوى غير ذات صلة بهذا العيب، فالحجج إنما ينبغي أن تقوم على أرجلها الخاصة أو تسقط بعيبها الخاص.
(٢) متى يكون القدحُ الشخصي غير مغالط
هناك مواطن وسياقات يكون فيها شخص القائل ذا صلة بالدعوى المطروحة: في الحملات الانتخابية مثلًا وفي مقابلات التوظيف وفي الشهادة القضائية تكون السمات الخلقية، وربما الجسدية، هي المسألة المعْنِيَّة على وجه التحديد، فنحن لا نتصور مصرفًا على استعداد لتعيين موظف غير أمين، ولا ناخبين يسرهم التصويت لمرشح غير ذكي أو سياسي غير مخلص، وفي سياق استجواب الشهود في المحاكمات القضائية، وفي كل سياق يتضمن «شهادة» testimony لا «حجة» argument في واقع الأمر، يكون الطعن في شخص الشاهد، من حيث السمات الأخلاقية والسلوكية والكفاية العقلية والإدراكية واتساق عباراته، غير خارج عن موضوع الشهادة وبالتالي غير مغالط من الوجهة المنطقية.
ربما يستند ذلك إلى «استدلال استقرائي» inductive inference مفاده أن الشخص الذي سبق له أن أدلى بمعلومات غير صحيحة أو اعتاد سلوكًا غير قويم في الماضي هو شخص قمين بأن يفعل مثل ذلك في المستقبل، صحيح أن الاستدلال الاستقرائي هو استدلال ظني في أفضل الأحوال، غير أنه كفيل في مواضع كثيرة أن يجرح الشهادة أو الجدارة وأن ينقل عبء البَيِّنة.
في ضوء هذه الحالات التي يكون فيها القدحُ الشخصي غيرَ مغالط يليق بنا أن نعدل الصورةَ المنطقية للمغالطة الشخصية، لتغدو أكثرَ تحوطًا ودقة، إلى الصورة التالية: