توضع موضع التساؤل، لمجرد راحة المؤمن ولذته الشخصية، فلو قُبل الإيمان على أساس أدلة غير كافية فإن اللذة تكون لذة مختلَسة، حتى لو كان الإيمان صحيحًا.» يرى البعض أن المراهنة على الرب تحمل المرء على أن يختان نفسه وينتهك بذلك واجبًا «كانتيًّا» تجاه ذاته، ويُصر كليفورد على أن اعتقاد الفرد في شيءٍ بلا دليلٍ كافٍ هو أمرٌ يُؤذي المجتمع كله؛ لأنه يُعزز السذاجة ويُعدي مثلما تعدي الأوبئة! «وإنه لمن الخطأ دائمًا وفي كل مكان، ولكل شخص، أن يؤمن بأي شيء على أساس أدلة غير كافية.»
(٢) متى يكون الاحتكام إلى النتائج صائبًا منطقيًّا؟
فطن الفلاسفة منذ أرسطو إلى أهمية الاحتكام إلى النتائج للمفاضلة بين القضايا المختلفة في حالة تساويها في كلِّ شيء، يقول أرسطو في «الطوبيقا»: «حين يكون شيئان من التماثل بحيث يصعب تفضيل أحدهما على الآخر فإن علينا أن نحتكم إلى نتائجهما، وذلك الشيء الذي يُفضِي إلى نتائج أفضل هو الجدير بالاختيار، أما إذا كانت نتائج كليهما شرًّا فإن علينا أن نختار أقلَّهما شرًّا.»
غير أن أرسطو، وغيره من الفلاسفة، إنما يحتكمون إلى النتائج في مجال «العقل العملي» لا النظري؛ أي حين يكون الاختيار هو بين مسارين من الفعل، أو بين نهجين من السلوك، والحق أنه من الوضوح الذي يجري مجرى البدائه ونوافل القول إن الموازنة بين الأفعال إنما يتم بالموازنة بين تَبِعاتها ونتائجها المتوقَّعة، أما إذا كان السؤال هو عن الحق أو الصواب فإن الاحتكام إلى النتائج يكون أمرًا خارجًا عن الموضوع، ومن الخطأ دائمًا أن نوجسَ من كلِّ نظرية علمية جديدة تكشف جانبًا من الحقيقة، أو نرفضَها، لا لشيءٍ إلا لأنها تتحدى قناعاتنا الثقافية، أو تجرح كبرياءنا البشرية، أو تمس عواطفنا الاجتماعية.