للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا ما أَمْعَنَّا في التجريد خلصنا إلى الصورة التالية:

«ق» تلزم عنها «ك»،

«ك» مرغوبة؛

إذن «ق» مرغوبة.

وهو قياس مغلوط صوريًّا لأنه يقع في خطأ «إثبات التالي» affirming the consequent، بوسعنا تبيان خطأ هذا القياس بأمثلة كثيرة مثل:

(١) منعُ مباريات الكرة كفيلٌ بمنع حوادث الشغب في الملاعب. منع الشغب في الملاعب أمرٌ مرغوب؛ إذن علينا منع مباريات الكرة.

(٢) إلغاء خطوط السكك الحديدية يُفضي إلى انتفاء تصادم القطارات. انتفاء تصادم القطارات أمر مرغوب؛ إذن ينبغي إلغاء خطوط السكك الحديدية.

(٣) وجودي في العتبة يعني أنني في القاهرة. أنا الآن في القاهرة؛ إذن أنا الآن في العتبة.

[(٣) أهمية دراسة المغالطات المنطقية]

قلنا إنَّ اهتمام المنطق غير الصوري كان متركزًا في البداية على مبحث المغالطات، وكان التعريف التقليدي للمغالطات هو «تلك الأنماط من الحجج الباطلة التي تتخذ مظهر الحجج الصحيحة»، ولعل من الأصوب أن نقول إنها أنماطٌ شائعة من الحجج الباطلة التي يمكن كشفها في عملية تقييم الاستدلال غير الصوري.

لمنطق المغالطات آباء قدامى، يأتي في مقدمتهم أفلاطون في محاورة «يوثيديموس» Euthydemus وأرسطو في كتابه on sophistical refutations، ويلحق بهما في القرون التالية فلاسفة كثيرون من أبرزهم جون لوك، وواتلي، وشوبنهاور، وجون ستيوارت مِل، وجريمي بنتام، وما يزال مبحثُ المغالطات يُثير اهتمام كثيرٍ من المناطقة حتى اليوم، غير أن هذا الاهتمام بدأ ينحسر بعض الشيء مع تطور المنطق غير الصوري وارتياده آفاقًا

<<  <   >  >>