للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}

(البقرة: ٢٠٤)

***

يقع المرء في هذه المغالطة عندما يولي أهمية زائدة للأسلوب الذي تم به عرضُ حُجةٍ ما، بينما يهمِّش، أو يتغافل، مضمونَ الحجة ومحتواها.

للطلاء دائمًا رونقٌ يموه ما تحته، ورواءٌ يَشغَل العينَ عن تَبَيُّن الثغرات والتشققات والتجاعيد والأخاديد، وللبيان دائمًا سحرٌ يعمل عملَه بمعزلٍ عن الفَحوَى، وللقول سحرٌ يفتن المرء عن المقول، هكذا يقر في رُوع الناس أن مظهر الحجة ينم عن جوهرها ويضيف إلى مفادها ومؤداها، ويؤثر بطريقةٍ ما في تحديد قيمة صدقها.

[أمثلة]

(١) من المؤكد أن حجة رئيس المجلس ضعيفة وأنه قد خسر الجدال، ألا ترى كم كان جبينه يتفصد عرقًا ووجهه يحمر ارتباكًا؟

(٢) لا شكَّ أن هذه الغسالة الكهربائية هي الأفضل صنعةً والأطول عمرًا من غيرها؛ لأن البائع كان يتحدَّث عنها بطلاقة وإقناع، كما أنه شديد التأنق والوسامة وتبدو عليه أمارات الذكاء والفهم.

(٣) إن مرسي يعرف كيف يختلب الجمهور، لا ريب أنه على صواب فيما يقول.

(٤) مربع ثلاثة هو تسعة. تسع رصاصات يفقأن عينك أيها الفاشل الأبله. بل ستة، ولا داعي لهذه البذاءة وهذا التجريح.

(لاحظ أن البذاءة والإفحاش في القول لا دخل لهما في صواب العبارة: «مربع ثلاثة هو تسعة» قولٌ صائب وإن كرهنا بذاءة قائله وإقذاعه في الحديث، «مربع ثلاثة هو ستة» قولٌ خطأ ولو شفَعَهُ قائله بنهجِ البردة!)

<<  <   >  >>